وسمعت من بعض الفقهاء أن المنقوش فى الرخام الذي «١» بباب المدرسة المذكورة ما شرطه الواقف، وصورة الشرط:«هذه المدرسة موقوفة على الشيخ نجم الدين الخبوشانى، والفقهاء الشافعية الأصولية الأشعرية» إلى آخره..
واستمر المذكور يدرّس بها، ولم يأكل شيئا «٢» من وقفها، ولم يأكل من مال الملوك درهما، وكان علّامة قليل النظير فى وقته فى الزهد، وكان يستحضر «المحيط»«٣» لمحمد بن يحيى- على ما قيل- حتى أنه عدم الكتاب فأملاه من خاطره.. ورأيت له كتاب «تحقيق المحيط» وهو فى ستة عشر مجلدا.
وصنف أيضا فى الخلاف. وتوفى يوم الأربعاء ثانى عشر «٤» ذى القعدة سنة ٥٨٧ هـ.
وكان السلطان صلاح الدين يقربه ويكرمه ويعتقد فيه، وقيل: حضر إليه الملك العزيز وصافحه، فدعا بماء وغسل يده وقال: يا ولدى، إنك تمسك العنان [ولا يتوقّى الغلمان عليه]«٥» فقال له: نعم، واغسل «٦» وجهك فإنك بعد المصافحة لمست وجهك. فقال: نعم. وغسل وجهه.
وكان إذا رأى ذمّيّا راكبا قصد قتله. وكان أهل الذّمّة يتحامونه.. ولما مات دفن فى الكساء الذي حضر فيه من خبوشان.
ويقال: إنّ «العاضد» خليفة مصر رأى فى منامه- آخر دولته- أن عقربا «٧» خرجت إليه من مسجد [معروف] فى مصر ولسعته «٨» ، فلما قصّه