للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال: صحبته مرة إلى الشام على قدم التجريد، وليس لنا ثالث، فمكثنا ثلاثة أيّام لا نأكل ولا نشرب، وكدت أسقط إلى الأرض، فلما رأى الشيخ حالى عرج على كثيب من رمل فجعل يغترف منه سويقا مشوبا «١» بسكر، فأكلت منه حتى شبعت، ثم ضرب بيده فى الكثيب فنبعت عين ماء عذب من مياه الدنيا، فشربت حتى رويت.

وقال: حضرت عنده يوما بمصر، وحضر عنده رجلان، أحدهما «٢» عربى لا يحسن «٣» بالعجمية شيئا، وعجمّى لا يعرف بالعربية شيئا، ولا كلمة واحدة، فجعل كلّ منهما يتكلم ولا يفهم الآخر ما يقول صاحبه، فقال العربى:

وددت لو أنى أعرف بالعجمية! وقال العجمى: وددت لو أنى أعرف بالعربية، وقاما وتفرقا، ثم أتيا إلى الشيخ فى الغد، وكل واحد منهما يتكلم بلسان صاحبه كأفصح ما يكون، فسئلا عن ذلك، فقال العربىّ: رأيت إبراهيم الخليل صلّى الله عليه وسلم ومعه الشيخ أبا عمرو «٤» ، فقال الخليل صلّى الله عليه وسلم لأبى عمرو: علّمه العجمية نيابة عنى، فتفل أبو عمرو «٥» فى فمى، فاستيقظت، وأنا أتكلم بالعجمية. وقال العجمى: وأنا رأيت المصطفى صلّى الله عليه وسلم [فقال] «٦» لأبى عمرو: علّمه العربية نيابة عنى، فتفل أبو عمرو فى فمى، فاستيقظت وأنا أتكلم بالعربية.

وحكى عنه ولده أبو الخير سعد، قال: سمعت والدى رضى الله عنه يقول: خرجت مرّة سائحا فى القرافة، وصعدت الجبل المقطم فمكثت فيه أياما لا أرى أحدا، فسمعت ليلة عند السّحر قائلا يقول فى مناجاته [ببكاء] «٧»