للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم عاد إلى مكة، وذهب إلى زبيد، ثم حج، وأعاده صاحب مكة فى رسالة إلى مصر ثانية، فدخل مصر واستوطنها إلى أن صلب.

وكان شافعيّا شديد التعصب للسّنّة، وأديبا ماهرا، وشاعرا مجيدا، ولم يزل فى علوّ فى دولة المصريين إلى أن ملك السلطان صلاح الدين، فمدحه كثيرا، ومدح الفاضل «١» كثيرا، ثم إنه شرع فى أمور، وأخذ فى اتفاق مع رؤساء البلد فى التعصب للعبيديين وإعادة أمرهم، فنقل أمرهم، وكانوا ثمانية من الأعيان، فأمر صلاح الدين بشنقهم فى رمضان سنة ٥٦٩ هـ.

ويقال: إن صلاح الدين لمّا استشار الفاضل فى أمره فقال: نسجنه.

فقال: يرجى خلاصه.. فقال: نضربه عقوبة.. فقال: الكلب يضرب فيسكت ثم ينبح. فقال: نشنقه. فقال: الملوك إذا أرادوا شيئا فعلوه، ونهض قائما، فعلم السلطان أنّ هذا هو الرأى.

وقيل: أحضر عمارة، فأخذ الفاضل فى تلطيف أمره مع السلطان- بينه وبينه- فقال عمارة: بالله يا مولانا لا تسمع منه ما يقول فىّ. فقال السلطان:

نعم، والله أعلم بأمر الفاضل وأمر عمارة، ثم إنه رسم فيه بما رسم، فقال عمارة للموكّلين به: بالله مرّوا بى على باب القاضى الفاضل لعلّه يرق لى..

فمرّوا به، وكان الفاضل جالسا على باب داره، فلما رآه مقبلا دخل داره وأغلق بابه، فقال عمارة:

عبد الرّحيم قد احتجب ... إنّ الخلاص من العجب

ويقال: إنه مرّ قبل كائنته «٢» بيومين أو ثلاثة، فرأى بين القصرين مصلوبا فقال: