وقدم مدينة إربل سنة ٦٠٤ هـ، وهو متوجّه إلى خراسان، فرأى صاحبها الملك المعظم مظفر الدين بن زين الدين- رحمه الله تعالى- محبّا لعمل مولد النّبىّ صلّى الله عليه وسلم، والاحتفال به، فعمل له كتابا سمّاه «التنوير فى عمل مولد البشير النذير»«١» وقرأه عليه بنفسه، وأجازه المعظم بألف دينار، وله عدة تصانيف.
وولى القضاء بدانية مرتين وصرف عنها، وحج، ولمّا عاد إلى مصر بعد طوافه البلاد استأدبه «٢» العادل لولده «٣» الكامل، وأسكنه القاهرة، فنال بذلك دنيا عريضة، وصنّف كتابا سمّاه «النص المبين فى المفاضلة بين أهل صفّين» .
وكان يقول: إنه حفظ صحيح مسلم. وقيل عنه: إنه كان ظاهرىّ المذهب [وكان كثير]«٤» الوقيعة فى أئمة الجمهور من العلماء والسلف الماضيين.. قال محب الدين بن النجار: وكان خبيث اللسان، أحمق، شديد الكبر، قليل النظر فى الأمور الدينية «٥» ، منها فتاوى دينه، وقال: قيل ذلك.
وذكر أنه سمع كتاب «الصّلة» لتاريخ الأندلس من ابن بشكوال، وأنه سمع من جماعة، وادّعى «٦» لقاء من لم يلقه، وسماع من لم يسمعه، وكانت أمارات ذلك لائحة عليه «٧» . وكأنّ القلب يأبى سماع كلامه، ويشهد ببطلان قوله، وكان صادف قبولا عند السلطان الملك الكامل، وأقبل عليه إقبالا عظيما، وكان يعظّمه ويحترمه، ويعتقد فيه، ويتبرك به تبركا تامّا، وسمعت من يذكره أنه كان يسوى له المداس إذا قام، قال الشيخ شمس الدين: ولأجله