فلم يقدر أن يخرج منها بغلا، حتى جاء إلى البغل الذي نفى عليه «الدينورى» فخرج معه، فأركب عليه «بنان»«١» ] .
فاغتمّ من حضر من الناس ذلك المجلس. وكان فى الميناء «٢» سبع مراكب قد شحنت «٣» وهى تنتظر الريح، فطلبوا رؤساء المراكب لحمله، فقال كل واحد: والله لو ضرب عنقى ما حملته، إلّا واحدا منهم، قال: أنا أحمله.
فوجم الناس لذلك وأخذتهم كآبة عظيمة «٤» . فرآهم «بنان» منكسرين فقال: قد وعدنى صاحب الريح ألّا تجرى فى هذه السنة جارية «٥» !
[قال: فو الله لقد أقامت المراكب إلى أن جاء الشتاء وحمل ما فيها وردّ إلى المخازن بالإسكندرية، وما جرت فى تلك السّنة جارية]«٦» .
قال: ولمّا ولى مصر «النّوشرى» بدأ «بنان» يكثر الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، فقيل للنّوشرى: إنّ هذا لم يكن يجترئ أن يفعل ذلك «٧» فى الأيام الطولونية. فأرسل وقال له: لم فعلت هذا فى أيامنا ولم تفعله فى غير أيامنا «٨» ؟ فقال «بنان» : فهل ترى لهم من باقية؟ فقال: اذهب وأمر بالمعروف وأنه «٩» عن المنكر وأنا من ورائك.