وحكى رجل متعبد قال: كنت فى يوم جمعة فى شهر رجب «١» فى جامع ابن طولون، فإذا ببنان الزاهد فى يده «٢» عصا يحملها ويدور فى الجامع، فقلت فى نفسى: الدوران «٣» بالعصا فى الجامع عبادة وزهد، ثم جئت إلى الصّفّ الأول فوقفت أصلى، وجلست أتلو القرآن، وجاء «بنان» فجلس «٤» إلى جانبى، فختمت ختمة، ثم أذّن المؤذن، ورقى الإمام المنبر، فأحرمت «٥» بالصلاة ثم جلست، فأخذنى النعاس، [فرأيت]«٦» قائلا يقول: مالك والاعتراض [على أولياء الله تعالى] ؟ لدوران «بنان» فى المسجد أفضل من ختمتك «٧» ! ففتحت عينى برعب، ثم نزل الإمام، فأقبلت عليه «٨» لأحدّثه، فقال: اسكت، واكتم «٩» ما رأيت!.
وقال «١٠»«بنان» : كنت قاعدا بمكة وبين يدى شابّ، فجاء إنسان وحمل إليه كيسا فيه دراهم ووضعه بين يديه، فقال: لا حاجة لى فيه، فرّقه على المساكين، ففعل، فلما كان وقت العشاء رأيته يطلب لنفسه، فقلت له:
لم لم «١١» تترك لنفسك شيئا؟ فقال لى: لا أعلم أنى أعيش إلى هذا الوقت!