للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحكى «بنان» قال: كنت مجاورا بمكة، ورأيت بها إبراهيم الخواص، ولم يكن بينى وبينه أنس ولا مجالسة، وكنت إذا رأيته أهابه، ووقع أنى مكثت أياما لم يفتح لى بشىء، وكان بمكة رجل يحب الفقراء ويحجمهم «١» من غير شىء، وكان من أخلاقه أنه إذا جاءه الفقير للحجامة أرسل غلاما له يشترى [لحما] «٢» ويطبخه، فإذا فرغ من الحجامة قال له: بسم الله، فيتقدم ذلك الفقير، ويطعمه ذلك الطعام.

قال: فقصدته يوما وقلت: أريد أن أحتجم، فأرسل الغلام على عادته فاشترى لحما وطبخه، وجلست بين يديه، فجعلت نفسى تقول لى: ترى هل يكون استواء اللحم عند فراغى من الحجامة؟ فقلت: يا نفس، إنما جئت «٣» للحجامة لا للأكل، ثم عاهدت الله سبحانه أنى إذا فرغت من الحجامة أن أذهب بغير أكل، وألّا أذوق من طعامه شيئا. قال: فلما فرغت من الحجامة انصرفت، فقال: يا سبحان الله! أما تعرف عادتى «٤» ؟ فقلت:

بلى «٥» ، غير أن هناك عهدا يعفينى «٦» من الأكل.

قال: ثم جئت إلى المسجد الحرام فلم أجد شيئا آكله، فبقيت «٧» يومى، فلما كان فى اليوم الثانى بقيت إلى آخر النهار لم يتيسر لى ما آكله، فلما قمت لصلاة العصر سقطت «٨» وغشى علىّ من الجوع، فاجتمع الناس حولى