للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قد أرسل يونس «١» من بغداد لقتال طائفة بمصر خرجت على أميرها «٢» وقاتلوه، وكان الأمير إذ ذاك «تكين» ، فلما كشف الله تعالى الغمّة تصدّق يونس بمال جزيل، فلما دخل غلام يونس الحمّام كان السّدر «٣» على رأسى، فقال لى: الأستاذ يونس يدعوك «٤» ، وقد طلبناك فى بيتك وقيل لنا إنك فى الحمّام.

فقمت معهم وجئت إلى يونس، فقال لى: بلغنى أنك أقرب الناس إلى «بنان» ، وعندنا مال تمضى به إليه، فإن أخذه وإلّا ففرّقه على الناس. قال:

وألقى إلىّ «٥» كيسا فيه ألف دينار. قال: فأخذته ومضيت إلى «بنان» وأنا مسرور، لعلمى بما هو فيه، فلما دخلت عليه قال لى: ما وراءك؟ فحدّثته القصة، فتغير لونه وقال: يا أحمق، لئن لم تفعل ما آمرك به لأهجرنّك، خذ الكيس وارجع إليه، فإذا دخلت عليه فلا تمش «٦» على بساطه واطوه، وارم بالكيس بين يديه.

وقال: علّى بالطشت والإبريق واغسل يديك من مسّ الكيس، وقل له:

يقول لك «بنان» : «أخذت هذا من دماء المسلمين تريد أن تضعه فى عنقى؟

يكون فى عنقك أولى» !.

قال أبو علىّ: ففعلت ما أمرنى به. فبكى يونس بكاء شديدا. وأخبرت «بنان» بذلك، فسرّ سرورا عظيما.