فعتقته «١» وقالت: «اللهمّ، إنّه وديعتى عندك، فقد صلح لك، وقد وهبته لك» .
فخرج من يومه وغاب عنها سنين كثيرة «٢» . قال أبو بكر: فلقيته بعد ذلك، فذكرت له الحكاية، فبكى بكاء شديدا وقال بالفارسية: واخراب قلباه!! وقال: حججت أنا وأبى من دينور فى ثلاثة أيام.
وقال أبو الحسين بن علىّ: اجتمعت مع جماعة من الصالحين بمكة، فتذاكرنا «٣» أخبار الصالحين، إلى أن ذكرنا أبا الحسن «٤» علّى بن سهل الدينورى، وبقربنا «٥» امرأة عجوز عليها آثار العبادة تسمع كلامنا، فقالت:
بأبى أنت، هل «٦» رأيت ابن الصّائغ؟ قلت لها: نعم! فأكبّت «٧» على رجلىّ ويدىّ تقبّلها «٨» وقالت: يا بنّى، شهدت أبا الحسن وهو ابن خمس عشرة سنة «٩» وقد خرج إلى الصحراء، وحضر حضيرا «١٠» وجلس فيه، فأقبلت الأمطار «١١» حول الحضير، وليس فى الحضير نقطة ماء، فلما اجتمعت به قلت له: تأذن لى أن أسألك عن حكاية؟ قال: نعم. فحكيتها له، فشخص ببصره إلى السماء، ثم أقبلت الدموع «١٢» تريد أن تسيل من عينيه وهو يمنعها، ثم قال: دعنا من هذا وهات ما ننتفع به!