حواريّا وقدحا «١» فيه ماء بارد «٢» ، وقال لى: هيّا يا أخى فكل معى، فإنى لا أعلم هل نجتمع ونأكل معا أنا وأنت أو لا «٣» !
فقلت فى نفسى: إدخال السّرور على أخى أفضل من صيامى تطوعا.
فأكلت، ثم ودّعته ورجعت، فمررت بدار الشّيخ، فقلت: أصعد حتّى أسلّم عليه، فلما صعدت إليه وسلّمت عليه قال لى: يا فلان، قلت: لبّيك سيّدى.
قال لى: أفطرت اليوم وأكلت رغيفا حوّاريّا «٤» وشربت الماء البارد؟ قلت:
نعم. فنظر إلىّ وقال: ليس هذا عجبا «٥» ، إنما العجب فتياك «٦» لنفسك أنّ إدخالك السّرور على أخيك أفضل من صيامك التوع!
فقلت: هذا علم الغيب. فقال الشيخ:«الويل لك، ثم الويل لك إن قلت واعتقدت أنّ هذا علم الغيب! أما علمت أنّ أعمال أصحابى تعرض علىّ؟» فوقع الفتى مغشيّا عليه.
ومن كرامات الدّينورىّ أيضا، قال أبو علىّ الحسين بن عبد الله الأسوانى الزاهد: آخى الشيخ أبو الحسن الدينورى بينى وبين أبى حفص الأسوانى، فوجدت فى نفسى شيئا، فشكوته إلى الشيخ، فقال لى:«لا تفطر معه، ولا تشرب معه فى كوز واحد، ولا ترقد فى موضع واحد» .