فأقمنا على ذلك زمانا، حتى أنّنا إذا كنّا فى مسجد نام أحدنا فى أسفل «١» المسجد والآخر فى أعلى «٢» المسجد، ويفطر كلّ واحد منا على حدته «٣» ، فعطشت ليلة وليس فى كوزى ماء، فوجدت كوزه، فقلت:
أشرب ولا أعود، ترى هل يدرى الدّينورى ويرانا «٤» ؟ فشربت، ووقع فى نفسى الإنكار، فلما أصبحت غدوت إليه أنا وعمر، ولم يكن عمر علم بشربى، لأنه كان نائما، فلمّا سلّمنا عليه وسألناه عن مسألة، فقال:«لا تأتيانى، أنتما لا تصلحان لى، أنتما لم يكن لى عليكما حكم فى شربة ماء، ليس بينى وبينكما قرب!» .
فهالنا ذلك منه، فنظر إلينا وقال:«الويل لكما إن قلتما «٥» : إنّ ذا علم غيب» .
وقال علىّ بن الخوارزمىّ الفقير «٦» : دخلت حمّام عمرو بن العاص، رضى الله عنه، يوم جمعة لغسل الجمعة مع جماعة من الفقراء، فلما خرجنا رأينا الرّمّان أخضر فى أول مجيئه، فاشتهاه رجل منّا وقال: اشتروه، فقال له بعض أصحابنا:«أيش «٧» عزمك، اليوم الجمعة، يوم مجلس «٨» ، عزمك أن يتكلّم علينا؟!» .