وحكى عنه أنه دفع إلى رجل ثلاثين دينارا ليعمل له فيها، فأقامت معه مدّة، ثم ادّعى أنها ضاعت منه وتلفت، فقال له الشيخ: اتّق الله يا أخى، ووعظه فلم يتعظ، فقال الشيخ لمن حضر: أقسم بالله لئن بقى هذا على هذه النّيّة لم يخرج من الدّنيا حتى يبتلى بالفقر والطلب، وكان الرجل ذا جدّة «١» وحالة حسنة، فما مرّت عليه أيّام قلائل حتى نفد جميع ما كان معه وافتقر وصار شحّاذا يسأل النّاس ويدقّ أبوابهم ويقول: تصدّقوا على من غرّه الطّمع.
وحكى عنه أيضا أنّ أمير مصر أقامه على تفرقة الزكوات، فكان يفرقها فى كل شهر مرة، فاتفق فى بعض الأيام أنه جلس يفرق الزكاة ثم تذكر أنه خلط ماله بمال الصّدقة، فتصدق بالجميع، [فسئل: لم]«٢» فعلت ذلك؟
قال: لأنّ مال الزّكاة محرّم «٣» علينا، وليس لى حاجة بمال خالط مال الزكاة.
فقيل له: لو انتفعت ببعضه «٤» كان أولى. فقال: لا أنتفع بمال خالطته الزكاة.
وكان الشيخ بليدا فى بداية أمره، فرأى قائلا يقول له: إنّ الحاكم قد سمع قولك، فأصبح «٥» ينطق بالحكمة، ثم وضع المصنفات العجيبة.
وقيل: إنه شهد عند قاضى القضاة الذي كان بزمانه فلم يقبل شهادته، فلمّا كان فى تلك الليلة نام القاضى، فرأى فى منامه رجلا دخل عليه من غير إذن، فقال له: من أنت؟ قال: أنا إنسان من خلق الله تعالى. قال: كيف دخلت إلى دارى بغير إذنى؟ قال: أذن لى ربّ الدّار. قال: ما تريد؟ قال: