داره، وأوقف جميع كتبه وأقرهم بها، ودرّس بها الشاطبى علوم القرآن، والفقهاء «١» الفرائض. وجدّد عمارة العين الزرقاء التى بمدينة النبي صلّى الله عليه وسلم، وحصل لأهل المدينة بها نفع عظيم. وما ترك «٢» - رحمه الله تعالى- بابا من أبواب الخير إلّا وأحرز منه أوفى نصيب. [وأوقف]«٣» وقفا عظيما على فكاك الأسرى من أيدى الكفّار.
وحكى أنه خرج يوما إلى صحراء القاهرة راكبا، فلقيه لصّ وراوده على أخذ ثيابه، فقال له الفاضل: هل تريد شيئا غير الثياب والبغلة؟ قال: لا.
فقال له: سر معى إلى دارى، واحملنى على مروءتى. قال: نعم رضيت ذلك.
ثم سار معه وهو لا يعرفه، إلى أن وصل إلى باب النصر، فلما دخل القاضى من باب النصر قام له خدمه وأعوانه، فقال لهم: احفظوا هذا الرّجل إلى الدّار.
فأيقن الرجل أنه لا محالة هالك. فلما وصل القاضى إلى داره، واستقر فى مجلسه، دعا بالرجل فأدخل عليه وقد ارتاع، فقال: لا تخف يا رجل. ثم إنه دعا بطعام فأطعمه، ثم دعا بشراب وسقاه، ثم دفع له البغلة والثياب، ودفع له جائزة أخرى فوق ذلك.
ونقل أيضا عنه أنّ رجلا زوّر توقيعا بخط صلاح الدين أنّه أعطاه رزقه فى مكان، ثم كشف أمره لإنسان، فوشى به إلى السلطان صلاح الدين، فدعاه