وإن كذبا وكتمامحقت بركة بيعهما" قوله: "فإن صدقا" إلى آخره يريد بعض الباعة لأكلهم إذ قد يتبايعان على العرض بالعرض فيكون على كل واحد منهما أن يبين ما في عرضه ولا يكتم شيئا من عيوبه وكذا يجب بيان ثمنه إن كان البيع مرابحة وقد يبيع أحدهما صاحبه عرضا بثمن إلى أجل فلا يكون على المبتاع أن يبين شيئا لأن الصمن في ذمته وإنما يكون ذلك على البائع قال القاضي وقد تكون ذمة خربة لا تفي بالثمن عند الأجل فعليه أن يبين حال ذمته فحمله على العموم أولى قلت أن مال الله غاد ورائح فمن أين يعلم عدم القدرة على الوفاء عند الأجل.
قال الطحاوي: روي عن جميل بن مرة عن أبي الوضي قال: نزلنا منزلا فباع صاحب لنا من رجل فرسا فأقمنا في منزلنا يومنا وليلتنا فلما كان الغد قام الرجل يسرج فرسه فقال له صاحبه: إنك قد بعتني فاختصما إلى أبي برزة فقال: إن شئتما قضيت بينكما بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "البيعان بالخيرا ما لم يتفرقا وما أراكما تفرقتما" لا يصح الاحتجاج في إثبات الخيار بعد عقد البيع بهذا ولا بقول أبي برزة وما أراكما تفرقتما لأنهما قد أقاما بعد البيع مدة يتحقق تفرقهما بدن ولو إلي حاجة الإنسان أو إلى صلاة مما لو رقع مثله في صرف تصارفاه قبل القبض لفسد الصرف فكذلك لو كان الخيرا واجبا بعد عقد البيع لقطعه هذه الأشياء فدل أن التفرق عند أبي برزة لم يكن التفرق بالأبدان وروي أنهم اختصموا إلى أبي برزة في رجل باع جارية فنام معها البائع فلما أصبح قال لا أرضى فقال أبو برزة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا" وكانا في خباء شعر.
فاختلف الحديث بالروايتين عن أبي برزة كما ذكرنا ولم تكن إحداهما أولى من الأخرى فلم يكن لأحد أن يحتج بأحدها إلا احتج عليه مخالفه بالآخر وليس في واحد منهما ما يوجب أن التفرق المذكور في الحديث هو التفرق بالأبدان وروي عن سمرة بن جندب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "البيعان