للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوجه الرابع: أن قياس الناسي للماء في رحله على نسيان الرقبة في الكفارة، إنما هو قياس مع الفارق؛ لأن المعتبر في الرقبة الملك، بدليل أنه لو عرض عليه رقبة كان له ألا يقبل ويكفر بالصوم، وبالنسيان لا ينعدم الملك، وأما الطهارة بالماء فالمعتبر فيها القدرة على استعمال الماء، وبالنسيان زالت القدرة، بدليل أنه لو عرض عليه الماء لزمه قبوله وبطل تيممه (١).

الجواب:

تم الإجابة عليه بأنه لا فرق بينهما، فإنه لو كان قادرًا في الموضعين على الأصل لم يجز له الإنتقال إلى البدل ولو عدم الأصل جاز له الإنتقال إلى البدل، فأما العتق مع الغيبة فلأنه يقدر أن يقول عتقت عبدي فينفذ، ولا يقدر على الوضوء بماء غائب عنه، وأما إذا بذلت له الرقبة فلا يلزمه قبولها؛ لأنه مع عدمها لا تجب عليه، فلا يلزمه أن يكتسب لتجب، ولأنه لو قبلها لم يلزمه إخراجها، فإنه يجزئه الصوم إذا كان فقيرًا حال الوجوب، ثم في قبول الرقبة منّة كثيرة بخلاف الماء فإنه لا منة فيه، والمنّة قد لا تسامح النفس بحملها (٢).

الوجه الخامس: أن القياس على من نسي الماء على كتفه لا يصح؛ لأنه لا يخلو من أن يكون راكبًا أو سائقًا، فإن كان راكبًا وكان الماء في مؤخر الرحل فهو على الاختلاف، وإن كان في مقدم الرحل لا يجوز بالإجماع؛ لأن نسيانه نادر.


(١) المبسوط (١/ ١٢٢)، بدائع الصنائع (١/ ٣٢٥)، الاختيار (١/ ٣١).
(٢) الانتصار في المسائل الكبار على مذهب الإمام أحمد الكلوذاني (١/ ٤٢٤)، ط: مكتبة العبيكان ١٤١٣ هـ.

<<  <   >  >>