للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبعد هذا العرض التقويمى لسند إنجيل متى وتاريخ تدوينه وترجمته:

يتضح أنه طالما يوجد الشك حول المؤلف ووقت التدوين والترجمة ففي أي شيء تكون الثقة بعد ذلك؟ أتكون الثقة في النصوص وهي من وضع المؤلف المشكوك في نسبتها إليه؟ أم في ماذا تكون الثقة بعد ذلك؟ كل ذلك يدفع المدقق فيما سبق إلى الحكم بأن هذا الإنجيل لا يرتقي لدرجة القبول أو حتى مجرد القداسة وذلك بناءً على انقطاع سنده إلى كاتبه وفقدان النسخة الأصلية منه.

ثانيًا: إنجيل مرقس:

تناول الإمام أبو زهرة وغيره من النقاد من علماء المسلمين ببيان ما يتعلق بإنجيل مرقس واستند في كلامه لما ذكره المؤرخون من المسيحيين فقال: يقول المؤرخون أن اسمه يوحنا ويلقب بمرقس ولم يكن من الحواريين الاثنى عشر الذين تتلمذوا للمسيح، واختصهم بالزلفى إليه، وأصله من اليهود وكانت أسرته في أورشليم في وقت ظهور السيد المسيح وهو من أوائل الذين أجابوا دعوته، فاختاره من بين السبعين الذين نزل عليهم روح القدس- في اعتقادهم - من بعد رفعه وألهموا بالتبشير للمسيحية كما ألهموا مبادئها لكن مرقس كان يذكر ألوهية المسيح وقد لازم خاله برنابا وبولس في رحلتهما إلى إنطاكية ثم تركهما وعاد إلى أورشليم، ثم التقي مرة أخرى بخاله واصطحبه إلى قبرص، ثم افترقا فذهب إلى شمال أفريقيا ودخل مصر في منتصف القرن الأول فوجد في مصر أرضًا خصبة لدعوته ودخل كثير من المصريين فيها، وكان يتردد بين مصر وروما أحيانًا وإلى شمال أفريقيا أحيانًا أخرى ولكن مصر كانت المستقر الأمين له فاستمر إلى أن ائتمر به الوثنيون فقتلوه سنة ٦٢ ميلادية (١).

واعتمد صاحب الفارق في نقده لإنجيل مرقس على أقوال ثلاثة شهود من أكابر علماء النصارى ثم عقب على أقوالهم بقوله: إن إنجيله ليس بإنجيل إلهامي، بل هو تاريخ نقله عن شيخه "بطرس" وهو عبارة عن وقائع في زمن عيسى - عليه السلام - وأنه كان ينكر ألوهية المسيح التي هي مدار الاختلاف بين النصرانية وغيرها (٢).

ويقول د/ عبد الكريم الخطيب، من خلال التحقيق العلمي الذي أجراه حول الأناجيل: (إن صاحب هذا الإنجيل لم يجتمع بالسيد المسيح وإن عُد من السبعين فقد بشر بإنجيله في الإسكندرية باللغة اليونانية بعد رفع المسيح بنحو ثلاثين سنة (٣).

[تاريخ التدوين واللغة التي كتب بها إنجيل مرقس]

يقول الإمام أبو زهرة: لقد كتب هذا الإنجيل باللغة اليونانية ولم نر أحدًا من كتاب المسيحيين ناقض ذلك ... واختلفوا في زمان تأليفه فقالوا: قد ألف الإنجيل الثاني سنة ٥٦ وما بعدها إلى سنة ٦٥ والأغلب أنه ألف سنة ٦٠ أو سنة ٦٣ (٤)


(١) محاضرات في النصرانية ص ٤٧.
(٢) الفارق بين المخلوق والخالق ص٥٢٥.
(٣) المسيح في القرآن والتوراة والإنجيل صـ ٨٦.
(٤) انظر: محاضرات في النصرانية ص ٤٧، ٤٨ بالخذف.

<<  <   >  >>