للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٤. تنازله عن زوجته مرتين - مرة لفرعون - بحجة خوفه من القتل ثم ربح بها هدايا ثمينة من ذهب وفضة وجوار وحمير وجمال وغنم وبقر ... غير أن فرعون لم يمسسها (١). والنص يقول: قال إبراهيم لزوجته: إنى قد علمت أنك امرأة حسنة المنظر فيكون إذا رآك المصريون أنهم يقولون هذه امرأته فيقتلونني ويستبقونك، قولى إنك أختى ليكون خير بسببك .. وتحيا نفسى من أجلك (٢) ثم تنازله عن هذه الزوجة للمرة الثانية لأبيمالك فلم يمسسها بسبب رؤيا حذرته منها ثم أرجعها إلى زوجها إبراهيم مع هدايا نفيسة (٣).

[ج- جهود العلماء فى الرد على هذه الافتراءات]

وينتقد العلامة رحمة الله الهندي ما لفقه كتبة العهد القديم لسيدنا إبراهيم - عليه السلام - بطرحه أسئلة استفهامية يستنكر من خلالها هذه الافتراءات فيقول: كيف يجوز للعقل أن يرضى إبراهيم بترك حريمه وتسليمها ولا يدافع عنها, ولا يرضى بمثله من له غيرة ما، فكيف يرضى مثل إبراهيم الغيور (٤).

وانتقد صاحب تصير الميزان قصة إبراهيم - عليه السلام - في التوراة نقدًا إجماليًا بعد ما عرضها دون أن يدخل في التفاصيل فقال:

هذه القصة فيها من التدافع بين جملها والتناقض بين أطرافها مما يدل على أن هذا الكتاب المقدس لعبت به أيدى التحريف فلقد أهملت التوراة ذكر مجاهداته في أول أمره وحجاجاته لقومه وما قاساه منهم من المحن والأذى وهي طلائع بارقة لماعة من تاريخه - عليه السلام - ولقد أهملت أيضًا ذكر بنائه الكعبة المشرفة وما يتعلق بها وليس إهمال ذكره إلا لنزعه إسرائيلية من كتَّاب التوراة ومؤلفيها دعتهم إلى الصفح عن ذكر الكعبة! وإحصاء ما بناه من المذابح ... ونسبت إليه أيضًا ما لا يلائم مقام النبوة (٥).

أما د/ بدران: له مآخذ على ما ورد في التوراة حول قصة سيدنا إبراهيم - عليه السلام - فيقول: لقد شوهت التوراة صورته ... ويبدو أن كتبة التوراة أقاموا حلفًا مع الشيطان وأخذوا معه العهد على تلويث صورة الأنبياء العظماء ... فألصقوا لإبراهيم خليل الله أشياءً لا تليق بمكانته .. ولا بنبوته بل لا تليق مطلقًا بإنسان له كرامته (٦)


(١) تكوين: (١٢/ ٤ - ١٥) دعوة إبراهيم.
(٢) تكوين: (١٢/ ١١ - ١٣) إبراهيم في مصر.
(٣) ينظر: القصة كاملة في تكوين (١٢/ ١٠ - ٢٠)، (١٣/ ١ - ٣)، (٢٠/ ١ - ١٥) إبراهيم وأبيمالك.
(٤) إظهار الحق: (٢/ ٥٥٦).
(٥) العلامة محمد حسين الطباطبائي: (٧/ ٢٢٥) بتصرف بالحذف.
(٦) التوراة: د/ بدران ص ٥٠.

<<  <   >  >>