للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد تتبع د/ على خليل، أسفار العهد القديم مُركزًا على النصوص التي تشير إلى العنصرية؛ بل وتدعوا إليها أذكر منها على سبيل المثال ما يلي:

[١ - عنصرية إبراهيم -عليه السلام-حسب الزعم التوراتي]

كان إبراهيم الخليل -عليه السلام- يتنقل في أرض كنعان بحرية وأمان، وحكام المنطقة يقدمون له كل التسهيلات الكفيلة بتأمين الإقامة والاطمئنان والكلأ وحرية العمل والحركة والاحترام فنقرأ في سفر التكوين: "فأتوا إلى أرض كنعان واجتاز ابرام في الأرض إلى مكان شكيم إلى بلوطة مور وكان الكنعانيون حينئذ في الأرض وظهر الرب لابرام وقال لنسلك أعطي هذه الأرض فبني هناك مذبحًا للرب الذي ظهر له ... ثم ارتحل ابرام ارتحالًا متواليًا نحو الجنوب" (١).

كان إبراهيم -عليه السلام- يتصرف بحرية وأمان ولم يتعرض له الكنعانيون ولم يهدموا المذبح الذي بناه ... وتركوا له حرية العقيدة والعبادة وصادقوه واحتضنوه بين ظهرانيهم واحترموه فتقول التوراة: "ثم انتقل إبراهيم إلى بلوطات ممرا التي في حبرون وأقام هناك وبني مذبحًا للرب وسكن بأمان وطمأنينة تحت راية ممرا الأمورى وأخويه أشكول وعائر وكانوا أصحاب عهد مع إبراهيم" (٢).

على الرغم من هذا التسامح والترحيب والانفتاح الذي أبداه الكنعانيون لبني إسرائيل فقد نظر الإسرائيليون إليهم نظرة تعصب وعنصرية وعدوانية لأنّ إلههم الخاص صور لهم الكنعانييين أعداءً وكفرة ولذا ينبغي الانعزال عنهم وإذا أمكن إبادتهم واحتلال مناطقهم، فالمصاهرة أمر مرفوض البتة فلا يجوز في عقيدتهم أن يتدنس الزرع المقدس برجاسات الأمم. فرغم كل ما لاقاه إبراهيم من تكريم ومودة واحترام في كنعان من سكانها وبمختلف مناطقها التي سكن فيها فإنه لم يكن ليتخلى عن نزعته العنصرية كما نستشف من النص التوراتي وكأن كاتب النص يرغب أن يصور إبراهيم متعصبًا عنصريًا انعزاليًا مترفعًا (٣).

إن إبراهيم رفض أن يتزوج ابنه إسحاق من بنات كنعان، وأصر أن يأخذ بنتًا من عشيرته حصرًا فنقرأ: "وشاخ إبراهيم وتقدم في الأيام وبارك الرب إبراهيم في كل شيء وقال إبراهيم لعبده كبير بيته المستولي على كل ما كان له. ضع يدك تحت فخذي فأستحلفك بالرب إله السماء وإله الأرض أن لا تأخذ زوجة لابني من بنات الكنعانيين الذين أنا ساكن بينهم؛ بل إلى أرضى وإلى عشيرتي تذهب وتأخذ زوجة لأبني إسحاق" (٤).


(١) تكوين: (١٢/ ٥ - ٩) دعوة إبراهيم.
(٢) تكوين: (١٤/ ١٣) إبراهيم ينتقد لوطًا.
(٣) التعاليم الدينية اليهودية ص ١٨.
(٤) تكوين: (٢٤/ ١ - ٤) إسحاق ورفقة، انظر: التعاليم الدينية، ص ١٨.

<<  <   >  >>