[المبحث الأول جهود علماء المسلمين -فترة البحث- في نقد عقيدة تأليه المسيح وإبطالها]
لقد غالى النصارى في المسيح -عليه السلام- فذهبوا فيه مذاهب شتي تتسم بالميل والشطط والانحراف عن الحق والنظرة المعتدلة لشخصيته -عليه السلام- كبشر رسول بعثه الله -عزّ وجلّ- لبني إسرائيل، وهذه العقيدة الباطلة يتم نقدها من خلال المحاور التالية:
١ - مشكلة تأليه المسيح -عليه السلام- وعرض مقولة النصارى الباطلة.
٢ - الأدلة التي يستندون عليها من الكتاب المقدس.
٣ - جهود علماء المسلمين -فترة البحث- في الرد على المقولة الباطلة ونقد الأدلة.
أولًا: مقولة النصارى الباطلة التي تقول بتأليه المسيح -عليه السلام-:
اختلف النصارى في تأليه المسيح -عليه السلام- اختلافًا كبيرًا مما يدلّ على الاضطراب والتذبذب الذي يشوب هذه العقيدة، وبالتالى توضع موضع شك وريبة، وتعددت آراؤهم في هذه العقيدة، وقد ذكر د/ سعد الدين صالح، في كتابه مشكلات العقيدة النصرانية (١) أوردها على النحو التالي:
١ - منهم من قال: إن عيسى هو الإله الحقيقي وأنه ظهر فقط في صورة إنسان دون أن تكون له حقيقة جسد الإنسان، وهو لم يولد بالحقيقة ولا تألم ولا صُلب؛ بل كان جسده مجرد خيال.
٢ - ومنهم من قال: إن المسيح هو إله، ولكنه دون الإله الأب فهو إله مخلوق قبل الخلق، كما أن طبيعته تشبه طبيعة الله، وأن الله أوكل إليه خلق العالم ومن هنا استحق العبادة.
٣ - وبعض المعتدلين من النصارى قالوا: إن عيسى ليس إلهًا وإنما هو إنسان كامل أو أعظم إنسان ظهر على وجه الأرض وقد رفض هؤلاء تمامًا فكرة تأليه عيسى أو الجمع بين اللاهوت والناسوت في شخصه.
٤ - كما ذهب نسطور إلى أن المسيح بين بين، فلا هو إله كامل ولا هو إنسان كامل ولا يمكن أن يحل الإله في عيسى حلولًا حقيقيًا فهو ابن مريم ومن غير المعقول أن تكون مريم أمًا لله، فالله منزه عن أن يولد أو يموت.
٥ - والرأي السائد بين النصارى يقول: باتحاد اللاهوت الكامل بالناسوت الكامل في شخص المسيح، فالمسيح في نظرهم ذو طبيعتين تامتين كاملتين، فهو إله تام وإنسان تام، اتحدا في شخصه الواحد بالتجسد وهم يعتقدون أن المسيح هو الإله الذي خلق السموات والأرض وهو الديان الذي سيحاسب الناس على أعمالهم يوم القيامة.
(١) ص ٩٤ - ٩٥.