للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[آراء الطوائف النصرانية في الحلول والاتحاد وجهود العلماء في نقدها والرد عليها]

ذكر الشيخ المسعودى، مقالات الفرق الثلاث من النصارى اليعاقبة والروم والنسطورية في دعوى اتحاد اللاهوت بالناسوت. وقال إن عقائدهم في الإله مختلفة وآراؤهم فيه غير مؤتلفة وسبب خبطهم وخلطهم أن كلامهم قد تفرع عن أصل فاسد (١) ثم ناقش قول كل فرقة على حده وأبطل ما ذهبت إليه من آراء باطلة والملاحظ لمناقشته لهذه العقيدة أنه استخدم الأدلة العقلية في رؤيته النقدية وأكد ما يقول بأدلة من الأناجيل ذكر بعضها والبعض الآخر ذكرها باختصار شديد واكتفي بذكر محتوى الدليل.

وقد بين أ. د/ بكر زكي عوض، مواضع هذه الأدلة في الكتاب المقدس مع ذكر طرفًا منها وإحالته على آيات أخرى فيذكر السفر ورقمها فيه.

[رأى الفرقة الأولى: فرقة اليعاقبة]

هذه الفرقة منسوبة إلى يعقوب السروجى ويسمى البرادعى أيضًا وقد ادعت أن المسيح صيره الاتحاد طبيعة واحدة وأقنومًا واحدًا قالوا: لأنّ طبيعة اللاهوت تركبت مع طبيعة الناسوت، فالمسيح عندهم إله كله وإنسان كله فهو يفعل أفعال الله وما يشبه أفعال الإنسان وهو أقنوم واحد والأقنوم الشخص والأقانيم الأشخاص (٢).

ففى نقد الشيخ المسعودى لرأى هذه الفرقة في الاتحاد يستخدم الافتراضات الجدلية في محاورته العقلية لأصحاب هذا المذهب استدراجًا لإبطال ما يدعون من الاتحاد فيقول: حكايته هذا المذهب تكفى بالرد عليه إذ محصلته أن الإله هو الإنسان والإنسان هو الإله فيقال لهم أخبرونا عن هاتين الطبيعتين اللتين صارتا طبيعة واحدة، هل تغيرت كل واحدة عما كانت عليه قبل التركيب أم لا؟ فإن زعمت فرقة (اليعاقبة) أنها لم يتغيرا فقد نقضوا مذهبهم ورجعوا عن قولهم إلى قول من يقول إن المسيح بعد الاتحاد كهو قبله، وإن زعمت أن الطبيعتين صارتا طبيعة واحدة تركبت من الأوليتين فهذا تصريح بأن هذه الطبيعة لا إله ولا إنسان فلا يوصف المسيح بواحد منهما بل هو شيء آخر عجيب غريب فإن زعموا أنها كانتا قبل التركيب كاملتين لم يخرجهما عن الكمال، بل بقى المسيح إلهًا كاملًا وهو بعينه إنسان فقد تحامقوا أو زعموا أن القديم صار بعينه الحادث وأن الزمني صار بعينه الأزلي بمثابة قول القائل: "الحركة هى السكون والسواد هو البياض وذلك مردود بوجوه منها:


(١) المنتخب الجليل للمسعودي: ص (١٥١).
(٢) المرجع السابق: ص (١٥٢).

<<  <   >  >>