للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[٣ - المجامع تقرر الإيمان بصلب المسيح وسر تقديس الصليب]

ومن الأمور التي تؤكد على أن فكرة الصلب نشأت بعد المسيح -عليه السلام- بزمن طويل ما قررته المجامع إسهامًا منها في تقنين العقائد الباطلة إذ أنها السلطة التشريعية العليا في المسيحية ومن ضمن العقائد التي قررتها المجامع عقيدة الصلب والفداء.

هذا ما رصدته د/ مريم زامل في دراستها حيث تقول: (وأيًا ما كان الأمر فقد دخلت عقيدة الصلب والفداء في المسيحية على يد بولس، ثم انتشرت بين الناس وظهرت في الأناجيل التي كُتبت فيما بعد، وإذا كان الخلاف حولها ظل باقيًا خلال القرون الأولى، إلا أنها تقررت فيما بعد في المجامع حتى أصبحت هى العقيدة التي يعتقدها معظم المسيحيين، والتي تدين بها الفرق الثلاث الكبرى على اختلاف ما بينها في تصورها لهذه العقيدة) (١).

حيث يقول د/ عبد الأحد داود عن هذا الاختلاف بين الطوائف: إن الكنيسة التي تُعلن الحرب على الأصنام، هى بذاتها تعبد صليبًا مصنوعًا من معدن أو خشب، بدعوى أنه كشف سر التثليث ومثله وكل النصارى -فيما عدا البروتستانت- يرسمون الصليب بأصابعهم الثلاثة الأولى الأمامية على وجوههم وصدورهم، ويسجدون للثالوث الشريف ويمجدونه قائلين: "باسم الأب والابن والروح القدس" وإذا كان أحد العيسويين لا يرسم الصليب على وجهه أو لا يُقبل الصليب المصنوع من الخشب أو المعدن، لا تُقبل عبادته ويُعد رافضًا ومرتدًا لدى كل الكنائس، وأما البروتستانت فإنهم وإن لم يعبدوا الصليب فإنهم على كل حال معتقدون وقائلون إنه بواسطته انكشف التثليث وألوهية المسيح لنوع البشر" (٢).

هذا وقد جاء في الأمانة التي انبثقت عن مجمع نيقية عام ٣٢٥ م ما يدلّ على اعتقاد المسيحيين بصلب المسيح كركن أساسي من أركان عقيدتم ونصها:

"نؤمن بإله واحد، وأب ضابط الكل خالق السموات والأرض كل ما يرى وما لا يرى وبرب واحد يسوع المسيح ابن الله الوحيد ... الذي من أجلنا نحن البشر ومن أجل خلاصنا نزل من السماء وتجسد من روح القدس ومن مريم العذراء وتأنس "صار إنسانًا" وصُلب على عهد بيلاطس البنطي" (٣).


(١) موقف ابن تيميه: ص ٦٤٩.
(٢) الإنجيل والصليب: ص ٨.
(٣) الجواب الصحيح: ٢/ ١٣١، ٢٩٥.

<<  <   >  >>