للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[سيدنا عيسى - عليه السلام -]

تنوعت الرؤى النقدية لعلماء المسلمين حول هذا الموضوع - المسيح - عليه السلام - في العهد القديم - ومعظم من تكلم فيها ربط فكرة المسيح المنتظر بالناحية السياسية والقومية لليهود وبين مدى ارتباط هذه الفكرة بفكرة المجيء الثاني للمسيح وأرض الميعاد، وهذه الرؤية تأخذ طابع التحليل السياسي لرأي اليهود في المسيح - عليه السلام -.

وبعمق التحليل وفهم النصوص والدراسة التاريخية تناول د/ عبد الوهاب المسيري هذه القضية بالمناقشة مبينًا مدى الخلاف بين اليهودية والمسيحية في المسيح - عليه السلام - فيقول: (يُشار إلى المسيح (عيسى ابن مريم) بكلمة "يشو" العبرية .. أما كلمة "ماشيح" فإذا تشير إلى المسيح المخلِّص اليهودي الذي سوف يأتي في آخر الأيام) (١).

وثمة خلاف بين العقيدتين (اليهودية والمسيحية) حول فكرة المسيح فبينما تري اليهودية المسيح "الماشيح" باعتباره شخصية سياسية قومية سيقود شعبه إلى صهيون ويعيد بناء الهيكل ويؤسس المملكة اليهودية مرة أخرى ... وقد تبدي كل هذا في شكل صراع تاريخي حقيقي، فقد رفض اليهود المسيح (عيسى (بن مريم) ولا زالوا يرفضونه ويلوم الآباء المسيحيون الأوائل اليهود باعتبارهم مسئولين عما حاق بالمسيحيين الأولين من اضطهاد ... وهم المسئولون عن صلب المسيح .. ومن ثم فإن العلاقة بين اليهودية والمسيحية علاقة عدائية متوترة إلى أقصى حد) (٢).

بينما يؤكد د/ عبد الراضي محمد أن رفض اليهود للمسيح - عليه السلام - سببه أنه جاء ليزيل تشدد اليهود وقسوتهم وأنه جاء ليقوض الأصول الدينية القومية لدى اليهود معتمدًا في نقده لهذه الفكرة - المسيح المنتظر - على وجهة نظر بعض علماء النصارى ومتبنيًا لها وكثيرًا ما أضاف إليها ما يشفي الغلة ويوفي القضية حقها فيقول نقلاً عن هؤلاء: عندما ظهر المسيح - عليه السلام - ودعا اليهود إلى اتباعه رفض اليهود منذ البداية الإقرار بنبوته والاعتراف بأنه المسيح المنتظر الذي بشرت به التوراة وكتب الأنبياء، وذهبوا في جحودهم لنبوته إلى أبعد مدى، فاعتبروه ثائرًا خارجًا على اليهودية يستحق القتل والرجم ومن ثم فقد بدءوا بالكيد له ولأتباعه لدى "بيلاطس" الحاكم الروماني وعقدوا له محاكمة دينية خاصة أمام مجلس السنهدريم أعلى هيئة قضائية في اليهود ووجه إليه اتهام بأنه نبي مزيف وأنه كان ساحرًا ... وأنه كان يقوض الأصول الدينية القومية وادعي زورًا أنه المسيح المنتظر ... ويعتبرونه ابنا غير شرعي شريرًا .. مضللا وغير ذلك من التهم التي ألصقوها به (٣).


(١) اليهود واليهودية والصهيونية د/ المسيري ٥/ ٣٤٠.
(٢) المرجع السابق ص ٣٤١، ٣٤٢ بتصرف بالحذف.
(٣) ينظر: التطرف اليهودي د/ عبد الراضي ص ٤٧، ٤٨ بتصرف بالحذف، وانظر: الإرهاب في اليهودية والمسيحية والإسلام والسياسات المعاصرة أ/ زكي على السيد أبو غضة ص ١٠٥ طبعة دار الوفاء - المنصورة - الطبعة الأولى ١٤٢٣ هـ / ٢٠٠٢ م، وانظر: اليهود واليهودية والإسلام د/ عبد الغني عبود ص ١١٧.

<<  <   >  >>