سادسًا: سيطرة النزعة العنصرية على أسفار العهد القديم:
يقدم د/ على خليل، في كتابه رؤية عصرية ذات أسلوب متميز حول المفهوم التوراتي لفلسطين المحتلة في الفكر اليهودي، ومن خلال القراءة المتأتية لكتابه تتضح رؤيته النقدية التي انتهى إليها من خلال نظرة العهد القديم إلى الشعوب الأخرى، وأهم ما يميز نقده لهذه النزعة العنصرية ما يلي:
١ - أنه يربط بين النص التوراتي والواقع اليهودي المعاصر، فاليهود يستلهمون التاريخ وينطلقون في تحركاتهم على أساس ديني، وأنه لا يوجد فاصل بين ما يحمله العهد القديم من نصوص وبين الواقع الذي يعيشه اليهود في الماضي والحاضر مبينًا أن ما يحدث في الواقع الحالي ما هو إلا واجهة أمامية لخلفية دينية مزيفة، وأن التصرفات اليهودية في القديم والحديث ما هي إلا تطبيق حرفي لمبادىء الفكر العنصري العدواني الذي يستمد أساسياته من نصوص محرفة، والذي يبني انطلاقاته جميعها على تلك القواعد التي أرساها ملوك بني إسرائيل وأنبياؤهم حسب الزعم التوراتي المحرف، وبين أيضًا، كيف نجس اليهود في توظيف هذه النصوص لخدمة أغراضهم وميولهم النفسية التي تفضل الانعزال والتقوقع وكراهية الآخرين.
٢ - الموضوعية التامة: حيث جمع كل ما يتعلق بالنزعة العنصرية من معظم الأسفار في حيدة تامة، وبين سيطرتها على أسفار العهد القديم، وقد استخرج من النصوص ما يدلّ على العنصرية صراحة أو ضمنيًا، مبينًا كيف اتخذ اليهود هذه النصوص أصلًا ثابتًا ينبني عليه التميز العنصري في الفكر اليهودي، فيقول:
لقد ساهمت النزعة العنصرية في انغلاق اليهود وتعصبهم وتوجسهم من الأغيار واعتقادهم بأنهم الزرع المقدس والشعب المختار، فالعنصرية في جوهرها نزعة عدوانية، ولا يمكن أن تكون إلا كذلك نظرًا لأنها تبني على التمييز والتميز والاختيار والتفوق والفراده، واليهودية تنص على أن اليهود يشكلون عنصرًا مميزًا على سائر العناصر البشرية، وشعبًا متميزًا على كافة الشعوب بخصائصه وفرادته، والتعاليم الدينية اليهودية تركز بقوة على العنصرية عبر تأكيدها على الاختيار والقداسة والتفوق وعدم الاختلاط بالشعوب والأمم، والكيان الصهيوني اليوم يربط كيانه السياسي بالدين ويجعل من الدين أساسًا لوجوده، وحجة في اغتصاب الأرض وامتلاكها (١).
(١) انظر: التعاليم الدينية اليهودية د/ على خليل ص ١٨.