للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والإمام ابن القيم ينتقد صلاة النصارى التي يقومون بها بدون طهارة مبينًا كيف تكون مثل هذه الصلاة وكيف يتقربون بها إلى الله وهم على هذه النجاسة لم يتطهروا فيقول: إن طوائف النصارى تقرر أن الطهارة غير واجبة وأن الإنسان يبول ويتغوط ولا يمس ماءً ولا يستجمر والبول والنجو ينحدر على ساقه وفخذه ويصلى كذلك وصلاته صحيحة تامة عنده، ولو تغوط وبال وهو يصلى لم يضره ... ويقولون: إن الصلاة بالجنابة والبول والغائط أفضل من الصلاة بالطهارة لأنها حينئذ أبعد عن صلاة المسلمين واليهود وأقرب إلى مخالفة الأمتين ويستفتح الصلاة بالتصليب بين عينيه وهذه الصلاة رب العالمين برئ منها، وكذلك المسيح وسائر النبيين، فإن هذه بالاستهزاء أشبه منها بالعبادة، وحاشا المسيح أن تكون هذه صلاته أو صلاة أحد من الحواريين (١).

وقد أرجع الإمام ابن تيميه انحراف النصارى في العبادات والشرائع إلى سببين رئيسيين هما:

١ - إعطاء النصارى لعلمائهم الحق في أن يشرعوا لهم ويغيروا ما يرونه من شرائع (٢).

٢ - اتخاذ النصارى مواقف مضادة لليهود بعد أن صارت الدولة لهم في عهد قسطنطين ... فأحلوا ما يحرمه اليهود كالخنزير وغيره وصاروا يمتحنون من دخل في دينهم بأكل الخنزير، فإن أكله وإلا لم يجعلوه نصرانيًا (٣) وتركوا الختان وقالوا إن المعمودية عوض عنه وصلوا إلى قبلة غير قبلة اليهود وكان اليهود قد أسرفوا في المسيح، وزعموا أنه ولد زنا، وأنه كذاب، ساحر، فغالى هؤلاء في تعظيم المسيح وقالوا: إنه الله، وابن الله .. وغير ذلك (٤).

ثالثًا: الصوم:

معنى الصوم عند النصارى: الامتناع عن الطعام من الصباح حتى بعد منتصف النهار ثم تناول طعام خالى من الدسم (٥).

ينتقد الأستاذ / محمَّد رشيد رضا، ذلك الصوم الذي يصومه النصارى رغم خلو الأناجيل من فريضة الصوم فيقول: إن الأناجيل تخلو من فريضة الصوم وكل الذي تحويه عن الصوم إنما هو ذكره ومدحه واعتباره عبادة، وتأمر الأناجيل الصائم بدهن الرأس وغسل الوجه حتى لا تظهر عليه أمارة الصوم فيكون مرائيًا كالفريسيين، وأشهر صومهم وأقدمه: الصوم الكبير الذي قبل عيد الفصح وهو الذي صامه موسى،


(١) انظر: هداية الحيارى، ص ٢٦٣ - ٢٦٤.
(٢) انظر: الجواب الصحيح: ٢/ ١٧، بتصرف.
(٣) المرجع السابق: ٢/ ١٠٠، ٣/ ٣١.
(٤) المرجع السابق: ٢/ ١٠٠.
(٥) المسيحية: د/ أحمد شلبي، ص ٢٣٥.

<<  <   >  >>