للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[نقد هذه المقولة ومناقشة الإمام ابن تيميه لها]

ينتقد الإمام ابن تيميه هذه المقولة الباطلة على اختلاف النصارى فيها على أقوال شيء ويبين أن النصارى لم يستطيعوا أن يثبتوا ألوهية المسيح، وذلك لأن:

١ - النصوص التي استدلوا بها نصوص واهية.

٢ - ولأن التحليلات العقلية التى يستنتجونها تحليلات فاسدة ومردودة فيقول: (أنتم لا يمكنكم إثبات كون المسيح هو الله إلا بهذه الكتب، ولا يمكنكم تصحيح هذه الكتب إلا بإثبات أن الحواريين رسل الله معصومون، ولا يمكنكم إثبات إنهم رسل الله إلا بإثبات أن المسيح هو الله، فصار ذلك دورًا ممتنعًا، فإنه لا تُعلم ألوهية المسيح إلا بثبوت هذه الكتب، ولا تثبت هذه الكتب إلا بثبوت أنهم رسل الله، ولا يثبت ذلك إلا بثبوت أنه الله فصار ثبوت الإلهية متوقفًا على ثبوت ألوهيته، وثبوت كونهم رسل الله متوقفًا على كونهم رسل الله فصار ذلك دورًا ممتنعًا) (١).

فليس للنصارى دليل قوى على ما يدعون في حق المسيح -عليه السلام- من تحليلات عقلية ولذلك قال د/ سعد الدين صالح: ومن الغريب أن هذا الإله الخالق العظيم هو هو الطفل المولود من فرج مريم، وأنه تقدم في نموه العقلى والبدني رويدًا رويدًا حتى اكتمل نموه، يقول لوقا في إنجيله: "أو أما يسوع فكان يتقدم في الحكمة والقامة والنعمة عند الله والناس" (٢).

(وهذا يفيد أن عيسى الإله كان ينمو بدنيًا وروحيًا وعقليًا، ولا نستطيع أن نعقل كيف حدث هذا، وحتى إذا سلمنا تسليمًا باطلًا بحلول اللاهوت في الناسوت فلنا أن نسأل: ألم يحل اللاهوت بعقله وروحه حلولًا كاملًا؟ أم حل هو الآخر ناقصًا ثم اكتمل مع نمو عيسى من الطفولة حتى الرجولة) (٣).

وفي مناقشة مطولة تناول فيها شيخ الإِسلام الرد على اتحاد اللاهوت والناسوت وامتناع ما يدعون عقلًا، وبُطلان تلك المقولة التي يطلقونها على المسيح -عليه السلام- ويتضح من خلال تلك المناقشة أن شيخ الإِسلام قد برع في استخدام الأدلة العقلية في الرد على النصارى في مشكلة تأليه المسيح -عليه السلام- فيقول رحمه الله:

(فإذا كان جوهرًا واحدًا لزم لذلك أن يكون اللاهوت قد استحال وتغير وكذلك الناسوت فإن الاثنين إذا صارا شيئًا واحدًا فذلك الشيء الثالث ليس هو إنسانًا محضًا، ولا إلهًا محضًا، بل اجتمعت فيه الإنسانية والإلهية) (٤).


(١) الجواب الصحيح: ١/ ٣٥٧.
(٢) الإصحاح: (٢/ ٥٢) الصبي يسوع يمكث في الهيكل، وانظر مشكلات العقيدة النصرانية ص ٩٥.
(٣) مشكلات العقيدة النصرانية: ص ٩٥.
(٤) الجواب الصحيح: ٣/ ١٣٤.

<<  <   >  >>