للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[٤ - عهد الله ليعقوب - عليه السلام -]

وفي هذا العهد تقول التوراة: "ومتى أتي بك الرب إلهك إلى الأرض التي حلف لآبائك إبراهيم وإسحاق ويعقوب أن يعطيك ... الرب إلهك تتقي إياه تعبده وباسمه تحلف لا تسيروا وراء آلهة أخرى من آلهة الأمم التي حولكم ... اعمل الصالح والحسن في عيني الرب لكي يكون لك خير وتدخل وتمتلك الأرض الجيدة إلى حلف الرب لآبائك ... وإن نسيت الرب إلهك وذهبت وراء آلهة أخرى وعبدتها وسجدت لها أشهد عليكم اليوم أنكم تبيدون لا محالة ... لأنكم لم تسمعوا لقول الرب إلهكم" (١).

تفنيد هذا العهد تاريخيًا:

يقول د/ الهاشمي: ليس ليعقوب نصيب من حكم أو ملك أو أرض في فلسطين، فقد ولد من أبوين غريبين عن فلسطين وهما إسحاق ورفقة فهما كلدانيان، وجميع أولاد يعقوب ولدوا وعاشوا عشرين سنة في فدان آرام - خارج فلسطين بين نهر الخابور والفرات - على حدود سوريا وتركيا اليوم ولم يولد منهم واحد في فلسطين، ثم انتقل جميع نفوس بها يعقوب السبعون إلى مصر (٢) باختيارهم من غير إكراه ثم عاشوا في البلاط الفرعوني عند ولده يوسف الصديق - عليه السلام - سبع عشرة سنة وعاش نسلهم أربعة قرون أو قرنين ومات في مصر - أي خارج فلسطين - (٣).

ويقول د/ محمد أبو زيد: التمكين في الأرض مشروط بالصلاح مع الله ومع عباده فإن انتفي هذا الشرط فلا تمكين ولا تمليك لهذه الأرض (٤).

ويؤكد هذه النظرة أيضًا د/ الهاشمي فى تقويمه لهذا العهد فيقول:

لما كان شرط العهود والمواثيق التقوى فقد نقضها يعقوب نفسه بنصوص التوراة فيه، وشعبه المشرك، لذا فلا قيمة لهذه المواثيق المفتراة التي عقدها الله كذبًا عليه مع يعقوب، بسبب عصيانه لله إذ جمع الشرك وعبادة الأصنام.

والغش والسرقة ولعنة الله وشتائم الناس، ومصارعته لله وانتصاره عليه إلى غير ذلك من الاتهامات التي ألصقت به في نصوص التوراة المحرفة (٥).

(ولو صحت هذه المواثيق والعهود في توراتهم الحالية وهي لا تليق به أن يمنحه إياها ولو احتكمنا إلى واقع يعقوب في التوراة والتاريخ لوجدناه ولد خارج فلسطين من أبوين غير فلسطينيين وعاش خارجها هو وأهله وأولاده ثم هاجروا جميعًا إلى مصر، ومات خارجها في مصر، فأين تحقيق هذه العهود له ولأولاده في فلسطين إنهم لم يملكوا شبرًا واحدًا، ويعقوب هو "إسرائيل" الذي ينتسب إليه جميع اليهود في عمر التاريخ!! فأين حقهم التوراتي في فلسطين؟ إنه الغش والخداع والدجل على التوراة وعلى التاريخ وعلى العقول) (٦).


(١) تثنية: (٦/ ١٠ - ١٨)، (٨/ ١٨ - ٢٠) لا تنسي الرب إلهك.
(٢) تكوين: (٤٧/ ٢٧) يوسف والمجاعة والنص يقول: "وسكن إسرائيل في أرض مصر، في أرض جاسان وتملكوا فيها وأثمروا وكثروا جدًا".
(٣) انظر: فلسطين في الميزان: ص ٤٥.
(٤) انظر: أرض الميعاد: ص ٢.
(٥) فلسطين في الميزان: ص ٤٥.
(٦) انظر: المرجع السابق: ص ٤٤.

<<  <   >  >>