٢ - يلزم من يقبل هذه القصة أن يسلم ما يحيله كل عقل مستقل من أن خالق الكون يمكن أن يحل في رحم امرأة في هذه الأرض التي نسبتها إلى سائر ملكه أقل من نسبة الذرة إليها وإلى سماواتها التي تُري منها ثم يكون بشرًا يأكل ويشرب ويتعب ويعتريه غير ذلك مما يعتري البشر ثم يأخذه أعداؤه بالقهر والإهانة فيصلبوه مع اللصوص ويجعلونه ملعونًا.
٣ - يلزم من هذه القصة شيء أعظم من عجز الخالق (تعالى وتقدس) عن إتمام مراده بالجمع بين عدله ورحمته، وهو انتفاء كل من العدل والرحمة في صلب المسيح؛ لأنه عذبه من حيث هو بشر وهو لا يستحق العذاب لأنه لم يذنب قط فتعذيبه بالصلب والطعن بالحراب (على ما زعموا) لا يصدر من عادل ولا من رحيم بالأحرى، فكيف يُعقل أن يكون الخالق غير عادل ولا رحيم؟ أو أن يكون عادلًا رحيمًا فيخلق خلقًا يوقعه في ورطة الوقوع في انتفاء إحدى هاتين الصفتين، فيحاول الجمع بينهما فيفقدهما معًا (١).
[وخلاصة جهود العلماء في النقض الإجمالي لعقيدة الصلب]
١ - برع علماء المسلمين في تفنيد عقيدة الصلب والفداء من خلال المحاورات العقلية للنصارى في عقيدتهم هذه، والجدال بالتي هي أحسن.
٢ - أن ما قاموا به من نقد ليس خارجًا عن عقيدة الصلب وإنما نقدوها من داخلها وعلى أساس مفرداتها ومكوناتها على طريقة من فمك أدينك حتى تكون الردود من الأمور التي يعرفونها وبالتالى الوصول إلى طرق الإقناع للمخالف أسهل وأيسر.
٣ - تعارض عقيدة الصلب مع ما يعتقدون في الإله وفي التعميد.
٤ - تأثر المحدثون من العلماء بما سبقهم من قدامى العلماء في تأسيس الرؤية النقدية لعقيدة الصلب، ولكن لكل منهم رؤيته الخاصة به والتي ربما تزيد في الإيضاح أو تقل قليلًا عمن سبقوه إلا أن هذه الرؤى متقاربة في التحليل والمحاورة العقلية والأسئلة الاستفهامية والذي يؤدى كل ذلك إلى بُطلان ما يزعم النصارى.