للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان يصومه عيسي عليهما السلام والحواريين ثم وضع رؤساء الكهنة ضروبًا أخرى من الصيام منها الصوم عن اللحم وعن البيض واللبن وكان الصوم المشروع عند الأولين منهم كصوم اليهود يأكلون في اليوم والليلة مرة واحدة فغيروه وصاروا يصومون من نصف الليل إلى نصف النهار (١).

ويؤكد الإمام ابن القيم مخالفة النصارى لتعاليم المسيح -عليه السلام- في هذه الفريضة فيقول: (والمسيح ما شرع لهم هذا الصوم الذي يصومونه قط ولا صامه في عمره مرة واحدة ولا أحد من أصحابه، لا صام صوم العذارى (٢) في عمره ولا أكل في الصوم ما يأكلونه ولا حرم فيه ما يحرمونه) (٣).

ويقرر العلامة البغدادي أن الصوم بهذه الطريقة بدعه ابتدعها رؤساؤهم وأنه بهذا المفهوم لم يرد في التوراة ولا في الإنجيل فيقول: (اخترع رؤساء النصارى في مجامعهم "البهريز" وهو عبارة عن ترك أكل اللحوم إلا السمك بسائر أنواعه، وأكل الزيت مع كافة المأكولات وشرب الماء والدخان والقهوة والخمرة) (٤).

(والبهريز محض تلاعب وعبث بالدين وخروج عن امتثال أوامر رب العالمين الصريحة بالتوراة -الأصلية-، ولم نر في الأناجيل الأربعة لا صراحة، ولا إشارة أن هذا الصوم بهذا المعنى الذي تعتادونه أيها المسيحيون" (٥).

رابعًا: التعميد:

بين م/ الطهطاوي، مفهوم التعميد ووقته والنصوص الدالة عليه وطريقته وناقش النصارى في هذه الشعيرة التي يتعبدون بها وبيّن من خلال مناقشته لها فساد القول بالمعمودية فيقول: (كان التعميد موجودًا عند اليهود، قبل المسيحية ولكنه كان بمفهوم آخر وهو غسل الجسد وكان النبي يحيى يعمد الناس في نهر الأردن أي يغسل أجسادهم ولذلك سُمّي يوحنا المعمدان أي (يحيى المغسل) وثابت في الأناجيل المتداولة أن يوحنا المعمدان قام بتعميد المسيح) (٦).


(١) تفسير المنار: ٢/ ١٤٤ وانظر: النصرانية والإسلام: م/الطهطاوي ص ٨٨.
(٢) مدته: خمسة عشر يومًا تبدأ من شهر مسرى وهو من الشهور القبطية القديمة وهو أول شهور فيضان النيل، وقد ذكر د/ أحمد شلبي، أنواع الصيام عند النصارى. ولمزيد من التفصيل انظر: المسيحية د/أحمد شلبي، ص ٢٣٥.
(٣) هداية الحيارى: ص ٢٤٦.
(٤) الفارق بين المخلوق والخالق: ص ٤٦.
(٥) المرجع السابق: ص ٤٦.
(٦) النصرانية والإِسلام: ص ٦٢.

<<  <   >  >>