وعن تاريخ أعمال الرسل يقول د/ أحمد طاهر مؤكدًا الرأي السابق:
هناك شواهد تدل على أن أعمال الرسل قد وجدت في أوائل القرن الثاني من الميلاد ويذهب البعض إلى أنها كتبت في عام ٩٦ بعد الميلاد، ويستندون في ذلك إلى أنها استخدمت الأعمال الأخيرة للمؤرخين اليهود خاصة يوسفوس، ولكن هذه الأقوال لا يمكن أن تكون نهائية دون معرفة التاريخ الذي كتب فيه لوقا الإنجيل المنصوب إليه، إذًا من هو كاتب هذه الأعمال؟ والواقع أن أعمال الرسل لم تشر إلى موت بولس ولا إلى سقوط القدس في عام ٧٠ ولا إلى رسالة لبولس وبالتالي يمكن القول أن أعمال الرسل كتبت قبل ٧٠ ميلادية ... ويرى الكثيرون من علماء المسيحية أن لوقا قد كتب أعماله بعد الإنجيل المنسوب إليه أي حوالي عام ٨٠ بعد الميلاد ولكن أعيد تحرير كل ذلك بمعرفة الكنيسة فخلطت بعضها مع البعض الآخر (١).
وبناءً على ما تقدم:
فإن مجرد الاختلاف حول قانونية الرسائل المقدسة في العهد الجديد والذي ظهر من تعدد الآراء حول موقف الكنائس منها والمصادر المتعددة التي اعتمد عليها كاتب أعمال الرسل - مجرد الاختلاف- يولد الشك في صدقها وبالتالي يضعف من قيمتها العلمية والدينية وينفي عنها القداسة التي يدعيها النصارى.
[خلاصة جهود العلماء حول نقد سند العهد الجديد]
لقد استوفى علماء المسلمين سند العهد الجديد بالنقد والتحليل، وأثبتوا من خلال الدراسة النقدية الفاحصة، أن أول الأناجيل قد كتب بعد رفع المسيح عليه السلام بستين سنة تقريبًا أو يزيد، ولم يكن هناك إنجيل قد كتبه المسيح عليه السلام.
حتى باقى الأناجيل المعتمدة لدى الكنيسة، مشكوك في نسبتها إلى أصحابها، وقد أيد علماؤنا الأجلاء، ما قالوا بالأدلة العقلية الدامغة، والأدلة التاريخية الموثقة، وكان ممن برع في نقد سند العهد الجديد، العلامة رحمة الله الهندي، يليه في جودة النقد، العلامة البغدادي، ثم بعد ذلك العلماء العاصرون، فقد بنوا وجهة نظرهم على رؤية السابقين، مع تفرد كل واحد منهم برؤيته النقدية إلى تميزه عن غيره، من هؤلاء الإمام أبو زهرة، ول / أحمد عبد الوهاب، د/ عبد الكريم الخطيب، وغيرهم.
(١) الأناجيل دراسة مقارنة د / أحمد طاهر ص ٤٨، ٤٩ بتصرف بالحذف.