للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[أ- النقض التفصيلي لأحداث الصلب والفداء]

لعلماء المسلمين في نقض أحداث الصلب نقضًا تفصيليًا جهود متميزة، وعند تتبع مناقشاتهم لهذه العقيدة يتبين وجود تشابه كبير إلى حدّ ما بين الرؤى النقدية التي يراها هؤلاء الأفاضل .. ويمكن حصر هذه الرؤى فيما يلي:

١ - المقابلة بين الأناجيل الأربعة في الموقف الواحد من أحداث الصلب وذلك لبيان التناقض الواقع فيها والتعارض بين الروايات المتعددة في النص الواحد ولبيان الاختلافات والأغلاط الواردة في تفاصيل الأحداث ويتضح ذلك جيدًا في جهود العلامة رحمة الله الهندي في إظهار الحق، البغدادي في الفارق، علاء أبو بكر في المسيحية الحقه وأ/ محمَّد رشيد رضا في عقيدة الصلب والفداء.

٢ - بيان عدم الثقة في رواة الأناجيل، إذ أنه قد تبيّن فيما سبق من خلال نقد سند العهد الجديد أن الأناجيل الأربعة مفقودة السند إضافة إلى الجهل بحال كُتَّابها والاضطراب في زمن كتابتها .. كل ذلك يؤدى إلى ضعف الثقة فيمن نقلوا روايات الصلب وقد اشترك في التنبيه على ذلك الإمام ابن تيميه والبغدادي، فقد بين شيخ الإِسلام أن رواة الأناجيل لم يشهدوا عملية الصلب؛ بل إن الذين شهدوها هم اليهود (١).

٣ - إبطال عقيدة الصلب عن طريق الوثاثق التاريخية ومجادلة النصارى بالنصوص الموثقة عندهم بأسلوب إنشائى خطابي يهدف إلى التأثير في الجماهير وقد اتضحت هذه الرؤية جيدًا في أسلوب العلامة أحمد ديدات في مناظرته حول مسألة الصلب بين الحقيقة والافتراء (٢).

٤ - أما أ/علاء أبو بكر في كتابه المسيحية الحقه، وفي نقده لعقيدة الصلب والفداء إضافة إلى ما سبق قد اتبع في دراسته لها منهجًا علميًا متميزًا وجاء بحثه خلاصة استفادته من السابقين عليه في هذا المجال وخبرتهم في نقد الكتاب المقدس وجمع من كل بستان زهرة ورتبها ترتيبًا علميًا رائعًا يترتب عليه فهم القصة من خلال النصوص فهمًا جيدًا ومن خلال هذه الرؤية النقدية يضع الباحث يده بسهولة على الأخطاء التي وقع فيها كُتاب الأناجيل عن طريق الجداول التي سجل فيها أحداث الصلب التفصيلية.

٥ - اكتشاف ما وقع في قصة الصلب من أخطاء يؤكد استحالة صدور هذه القصة عن الوحى الإلهى، وبالتالى تنتفى صفة القداسة عن الأناجيل وأنها من وضع بشر ما عدا ما بقى فيها من حق إلا أنه تلبس بكثير من الباطل.


(١) انظر: الجواب الصحيح، ٢/ ٧٩.
(٢) يراجع: كتاب مسألة صلب المسيح بين الحقيقة والافتراء: كاملًا، أ/ أحمد ديدات.

<<  <   >  >>