للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٤ - "لأن الأحياء يعلمون أنهم سيموتون، أما الموتى فلا يعلمون شيئًا وليس لهم أجر بعد لأن ذكرهم قد نسي" (١) فهذا إنكار صريح للآخرة، بأن الميت لا جزاء له ولا عقاب، ولا حساب! (٢).

[أما عن الأمر الثاني]

ها هو العالم الجليل الشيخ رحمة الله الهندي يقول عن عقيدة الآخرة في التوراة والتي كُتبت بعد سبعة قرون من وفاة موسى سيدنا - عليه السلام -: (فلا ذكر للآخرة فيها, ولكن الأسفار الخمسة فيها مواعيد دنيوية للمطيعين وتهديدات دنيوية للعاصيين وهكذا توجد في مواضع كثيرة) (٣).

ويؤكد أن خلو التوراة من ذكر عقيدة اليوم الآخر دليل من الأدلة القاطعة على التحريف الذي طرأ على التوراة ذلك أن الله تعالى جعل عقيدة اليوم الآخر جزءًا أساسًا في الدين الحق الذي أنزله على الناس من لدن آدم - عليه السلام - إلى خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا} (٤).

وذكر الهاشمي أن هناك نصوصًا يُفهم منها الإشارة إلى يوم القيامة من هذه النصوص:

١ - "قريب يوم الرب العظيم ... ذلك اليوم يوم سخط، يوم ضيق وشدة يوم خراب ودمار يوم ظلام وقتام ... لأنه يصنع فناءً باغتًا لكل سكان الأرض" (٥).

٢ - فلنسمع ختام الأمر كله: اتق الله واحفظ وصاياه ... لأن الله يحضر كل عمل إلى الدينونة على كل خفى إن كان خيرًا أو شرًا" (٦). وهذا النص ربما كان أوضح النصوص التي تشير إلى يوم القيامة لأن الدينونة تعني الحساب حيث يدين الله كل إنسان على عمله إن خيرًا فخير وإن شرًا فشر (٧).

وفي نظرة د/ الهاشمي التقويمية لما سبق من عرض نقدي لإغفال الإيمان بالآخرة في التوراة يقول: (إن ما ذكر من نصوص يبين عدم تأكيد التوراة لعقيدة الآخرة وإن هذا الإغفال أمر يعرفه كل من درس التوراة دراسة دقيقة وعرف حياة اليهود عبر تاريخهم (٨).


(١) الجامعة: (٩/ ٥) الوقوف بهيبة أمام الرب.
(٢) انظر: التربية في التوراة د/ الهاشمي، ص ٧٩ - ٨٠.
(٣) إظهار الحق: ٢/ ٧٨.
(٤) سورة النساء الآية: (١٣٦).
(٥) صفنيا: (١/ ١٤) النهاية، يوم الرب العظيم.
(٦) الجامعة: (١٢/ ١٣ - ١٤) ختام الأمر.
(٧) انظر: التربية في التوراة، ص ٨١.
(٨) التربية في التوراة، ص ٨٢.

<<  <   >  >>