[المبحث الأول نقد الشرائع والعبادات في العهد الجديد]
هل يوجد في العهد الجديد تشريع مستقل؟
تبيّن فيما سبق فساد العقيدة النصرانية، وكيف اجتهد علماؤنا الأجلاء في إبطالها، وبينوا ضلال النصارى فيما يعتقدون، وقد وقفوا وقفات نقدية متنوعة أمام هذه الانحرافات العقائدية متبعين في ذلك المنهج العلمى في دراستهم لها.
وفي هذا الفصل أُبين من خلال جهودهم النقدية الأمور التالية:
- هل يوجد في المسيحية تشريع؟
- وهل جاء سيدنا عيسى -عليه السلام- بشريعة مستقلة وأحكام جديدة غير الأحكام التي وردت في التوراة أم لا؟
- ومن الذي أحدث وبدَّل وغير في أحكام التوراة وشرائع النصارى؟
وبالبحث وراء توضيح هذه التساؤلات ومن خلال القراءة المتأنية للإنتاج العلمى الذي أبدعته قرائح علمائنا الأجلاء وجدت ندرة ملحوظة في تناول هذا الجانب -وهو التشريع في النصرانية- إلا أن بعض الكتَّاب قد أسهم في بيان الشريعة التي يحتوي عليها العهد الجديد وأكد أن الشريعة التي جاء بها المسيح - عليه السلام- هى شريعة مكملة لما جاء في التوراة من تشريعات ولم يأت المسيح - عليه السلام - بشرع جديد ولم تكن هناك أحكام مستقلة في العهد الجديد، وأن الذي شرع للنصارى وخالف أقوال المسيح هو بولس إذ أنه قلب النصرانية رأسًا على عقب كما سبق بيانه.
ويبرز في مقدمة هذه الجهود النقدية ما قام به الإمام ابن القيم وأكد اتباع النصارى لبولس ومخالفتهم تعاليم المسيح -عليه السلام- حيث أثبت مخالفة النصارى للمسيح -عليه السلام- في الشرائع فذكر ما يدلّ على ذلك بالمعنى دون أن يذكر النص وقام د/السقا، بذكر بعض هذه النصوص في الهامش فقد قام بجهد واضح في تحقيق كتاب هداية الحيارى فيقول الإمام ابن القيم:
(وأما فروعه وشرائعه -أي دين النصارى- فهم -أي النصارى- مخالفون للمسيح في جميعها، وأكثر ذلك بشهاداتهم وإقرارهم ولكن يحيلون على البطاركة والأساقفة، فإن المسيح -عليه السلام- كان يتدين بالطهارة ويغتسل من الجنابة ويوجب غسل الحائض، وطوائف النصارى عندهم أن ذلك كله غير واجب)(١).