ظهر من خلال العرض التقويمي السابق بالتشريعات الخاصة بغير اليهود أنه تتعدد مظاهر الانحراف في الشريعة اليهودية منها ما يلي:
١. تقوم الشريعة اليهودية على التفرقة العنصرية بينهم وبين باقى البشر، فتفرق بين اليهودي وغير اليهودي في التعامل، وتعتبر اليهود فوق جميع البشر؛ لأنهم شعب الله المختار- كما يزعمون- ومن ثم ينظرون لغيرهم نظرة ازدراء واحتقار.
٢. أباحت الشريعة اليهودية لليهود استغلال غيرهم ونهب ثرواتهم، واسترقاقهم إلى الأبد؛ لأنهم وحدهم الأسياد كما تقول توراتهم المحرفة وما سواهم عبيد وخدم.
٣. عدم الزواج من غير اليهود حتى لا يتدنس الزرع المقدس-كما يدعون- مثلما حدث في قصة زواج إسحاق -عليه السلام- كما ينص العهد القديم، فقد رفض إبراهيم -عليه السلام- أن يزوج ابنه إسحاق من بنات كنعان وأصر أن يأخذ بنتًا من بنات عشيرته.
٤ - تحريم دخول المعابد اليهودية لغير اليهود وذلك لأنّ التوراة المحرفة تدعي نجاسة غير اليهودي، وهذه نظرة فيها انحراف وشطط، إذ تصف اليهودي بالطهارة والنقاء، وتصف غيره بأنّه أغلف القلب واللحم نجس.
[خلاصة الجهود النقدية للعلماء]
كان للدكتور / كامل سعفان، الجهد الأكبر في نقد التشريعات في العهد القديم، فلقد خصص لها جزءًا كبيرًا من كتابه، إلا أن نقده لها جاء في لمحات سريعة، ولم يكن نقدًا موسعًا لدقائق التشريع في العهد القديم، ولم يقف مع النصوص كما ينبغي.
يليه في دراسة التشريعات د/ بدران محمَّد بدران، فقد استوعب أغلبها بصورة عامة، ولم يدخل في تفصيلات تشريعية، أما د/ المسيري، فقد استوعب ضمن موسوعته نقد بعض الأجزاء التشريعية في العهد القديم، إلا أنه يغلب على نقده التحليل السياسي للنصوص، وربط بين هذه النظرة النقدية وبين الفكر اليهودي والسياسة الصهيونية، التي تبني تحركاتها بناءً على تلك النصوص، ويعتبر د/ المسيري، من ألمع العلماء المعاصرين، وواحد من المشهود لهم في الكتابة عن اليهود واليهودية.
والملاحظة العامة على تناول العلماء للجوانب التشريعية في العهد القديم، أن نسبة قليلة من بين جموع علماء المسلمين هي التي نقضت هذا الموضوع، وذلك من خلال ما وقع تحت يدي من مؤلفات نقدية.