للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويضيف د/ كامل سعفان أكثر من بُعد توضيحي لهذه القضية فيقول:

١ - من خلال دراسة العهد القديم نجد أنه لم يمس العالم الآخر من قريب أو بعيد وكأنه اكتفى بالعقوبات الشديدة التي تنزل بالمجرمين أو لعله تأسي بديانة أخناتون دون ما سبقها من الديانات المصرية التي كانت تؤمن بالحياة بعد الموت، حيث يحتل إلى الأبدية (أوزوريس) مكانًا رئيسًا بين الآلهة ... فإذا كان موسى (العهد القديم) من رجال أخناتون أو أحد دعاته، وإذا كان (الخروج) تم فى عهد أعداء أخناتون فقد كان على كتَّاب العهد القديم أن يراعوا هذه العلاقات السياسية (١).

٢ - ويقول أيضًا: ولكنا نجد في سفر الجامعة - الإصحاح الثالث: "إن ما يحدث لبنى البشر يحدث للبهيمة ... كلاهما من التراب وإلى التراب يعود كلاهما من يعلم روح بنى البشر هل هى تصعد إلى فوق وروح البهيمة هل هي تنزل إلى أسفل، إلى الأرض ... إنه لا شىء خير من أن يفرح الإنسان بأعماله, لأن ذلك نصيبه" (٢) وهذا قول لا يفيد شيئًا عن البعث والحساب.

٣ - أما أول إشارة إلى البعث فلا نكاد نجدها قبل (سفر دانيال ١٢) (٣) مما يفيد تحولًا في العلاقات السياسية والثقافية، أو هو دليل على ما أصاب (التوراة) من تحريف وتزييف، إذ أنه أثر الاتصال بالديانة الزرادشتية زمن الأسر الطويل، وإبّان الاتصال بدولة الفرس في عهد قورش (المخلّص) ... وجاء عصر السيد المسيح وما يزال الخلاف بين الطوائف الإسرائيلية حول الحياة الآخرة وفقًا للإيمان ببعض الأسفار دون الآخرى) (٤).

[٤. بدايه ظهور عقيدة اليوم الآخر وتطورها فى الفكر اليهودي]

وضع علماء المسلمين أيديهم على سبب ظهور عقيدة اليوم الآخر عند بنى إسرائيل وأرجعوا ذلك إلى ما حدث لهم في فترة التيه والتشريد التي عاشوها وكذلك إلى فترة السبي البابلى وما ذاقوه من ويلات في هذه الفترة التاريخية كل ذلك كان له أكبر الأثر في وقوف اليهود مع أنفسهم مما جعلهم يعيدوا التفكير فيما وراء هذه الحياة الدنيا من أمور غيبية.


(١) اليهود تاريخا وعقيدة: د/ كامل سعفان، ص ٢٢٣، ط/ دار الاعتصام ١٩٨٨ م.
(٢) الإصحاح: (٣/ ١٩ - ٢٢) لكل شيء زمان.
(٣) والنص يقول: "كثيرون من الراقدين في تراب الأرض يستيقظون، هؤلاء إلى الحياة الأبدية، وهؤلاء إلى العار للازدراء الأبدي" (دانيال: ١٢/ ٢ - ٣) أزمنة النهاية.
(٤) اليهود تاريخا وعقيدة: د/ كامل سعفان, ص ٢٢٣ - ٢٢٤.

<<  <   >  >>