للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولذلك يري "حسن ظاظا فى كتابه: "الفكر اليهودي":

(أن اليهود لم يفكروا في الغيبيات إلا بعد أن تعرضوا للسبي البابلى ثم التشتت في الأرض على أيدي الرومان) (١).

ويحدد في موضع آخر من كتابه مفهوم الغيبيات الذي اتجه تفكير اليهود إليه فيذكر: (أن التفكير في الغيبيات كان يتخذ اتجاهين محددين هما: نهاية العالم والخلاص على يد المسيح المنتظر) (٢).

ويؤكد د/ صفوت مبارك على ذلك بقوله:

(بعد الأسر البابلي، وحلول الكوارث ببنى إسرائيل - بدأ بنو إسرائيل يتذكرون الحياة الآخرة؛ لأن الحياة الدنيا لم تعد تسير على هواهم، فظهرت أسفار تتحدث عن الجزاء الأخروي منها "سفر دانيال" الذي يتحدث عن البعث والحياة الأبدية فيقول: "وكثيرون من الراقدين في تراب الأرض يستيقظون هؤلاء إلى الحياة الأبدية، وهؤلاء إلى العار للازدراء الأبدي والفاهمون يضيئون، والذين ردوا كثيرين إلى البر كالكواكب إلى أبد الدهور، أما أنت فاذهب إلى النهاية فتستريح وتقوم لقرعتك في نهاية الأيام (٣) ") (٤).

ويقول د/ أحمد شلبي من خلال اطلاعه الواسع على تاريخ اليهود وتفحص طباعهم ونوعياتهم - يقول: إن يهود الماضي ليسوا كيهود الحاضر ولذلك يري أن اليهود يرون أنفسهم قسمين: قسم تمتع بحياته الدنيا وطيباتها ولم يتعرض للأسر والتشرد، وهؤلاء قد استوفوا حظهم من الثواب الإلهي د/ يعد هناك داع لأن يحيوا حياة أخرى وهذا هو القسم الذي تناولته التوراة التي لم تتحدث عن الجزاء الأخروي حيث اعتبرت بنى إسرائيل الذين عاشوا مع سيدنا موسى - عليه السلام - قد استوفوا ثوابهم في هذه الحياة الدنيا) (٥).

(أما القسم الثاني: فهم الذين عاشوا تحت سلطان الشعوب الأخرى أسرى أو مشردين، فهؤلاء يرى اليهود أنهم لم يستوفوا جزاءهم، ولم يثابوا على أعمالهم الصالحة، ولذا فإنهم يبعثون بعد موتهم ليوفوا جزاءهم وينالوا حظهم من النعيم) (٦).


(١) الفكر اليهودي أطواره ومذاهبه د/ حسن ظاظا ص ١٠٩.
(٢) المرجع السابق: ص ١٠٩ - ١١٠.
(٣) الإصحاح: (١٢/ ٢ - ٣، ١٣) أزمنة النهاية.
(٤) مدخل لدراسة الأديان: ص ١٤٢.
(٥) اليهودية د/ أحمد شلبي ص ٢٠٣ - ٢٠٤.
(٦) المرجع السابق نفس الصفحة.

<<  <   >  >>