للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[تتمة: قضية اليوم الآخر في العهد الجديد]

ربما يدور تساؤل حول العقائد في العهد الجديد، ولماذا لم يتم تناولها مثلما تم دراستها في العهد القديم، فلم يذكر هنا الإيمان بالكتب المنزلة والرسل واليوم الآخر والقضاء والقدر.

وللإجابة على هذا السؤال أقول:

إن سيدنا عيسى عليه السلام جاء مكملًا لشريعة سيدنا موسى عليه السلام، لذلك فإنه لم يكن في صدد تأسيس عقيدة جديدة أو تشريع جديد، وقد سبق بيان ذلك في التمهيد للرسالة.

ويؤكد أ/عبد الكريم الخطيب، هذه القضية فيقول:

إن الأناجيل لم تواجه قضية البعث والحساب والجزاء مواجهة صريحة ولم يحاول المسيح أن يجعل منها مجالًا للبحث والنظر، لأنه لم يكن من همه أن يقرر عقيدة، أو يشرح مذهبًا ... لأنّ اليهود كانوا بحاجة إلى رسالة تنزع القسوة التي تمكنت من قلوبهم فاغتالت منها عواطف الرحمة والحب وملأتهما ضغينة وحقدًا وأنانية، وذلك لما نزل بهم من ويلات وتشتت على يد أعدائهم من الآشوريين والبابليين وغيرهم (١).

وكانت مهمة المسيح إذن أن يبعث في هذه القلوب الصلدة المتحجرة قطرات من عواطف الإخاء والحب والتراحم، أما الإله فإنهم يعرفونه وإن كانوا لا يتعاملون معه، أما البعث والجزاء والجنة والنار فإنهم على علم بها ولكن بلا عمل لها ولا إحساس بها ... من أجل هذا كان ما يذكر في الأناجيل عن البعث والجزاء تذكيرًا بهما وإعدادًا لهما وتخويفًا من المصير التعيس لمن لا يعملون (٢).

وقد تناول د/ فرج الله عبد الباري، اليوم الآخر في العهد الجديد بالتفصيل وبين التصور النصرانى لعلامات الساعة والبرزخ والقيامة وغير ذلك من أمور تتعلق باليوم الآخر (٣). تؤكد رؤية أ/ عبد الكريم، لما ورد في العهد الجديد من نصوص تذكر باليوم الآخر فقط.


(١) الله والإنسان: أ/ عبد الكريم الخطيب، ص٢٥٥، ط/ دار المعرفة، بيروت- لبنان، الطبعة/٣ - ١٩٧٥م.
(٢) المرجع السابق: ص ٢٥٦.
(٣) اليوم الآخر: د/ فرج الله عبد الباري، ص ٩٢ - ٩٤، ١٠٨ - ١١٠.

<<  <   >  >>