للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٨ - أما الحق الوحيد الذي تحدث عنه النصارى ... فهو حديثهم عن المجيء الثاني لعيسى وإن كانوا قد اختلفوا وتباينوا في كيفيته وكيفية إقامته لملكوته هل هو ملكوت أرضي واقعي أو ملكوت سماوي، كما أنهم اختلفوا في موعده وزمانه ولم يصلوا إلى رأي قاطع حتى جاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكشف لهم الحقائق فقد أخبر الرسول الكريم أن عيسى -عليه السلام- سوف ينزل في آخر الزمان، وأنه سوف يكسر الصليب ويريق الخمر ويقتل المسيخ الدجال ويقيم الملة العوجاء وينزل بشريعة الإِسلام (١). فقد جاء في الحديث: (الأنبياء إخوة لعلات أمهاتهم شتي ودينهم واحد) (٢)، وفي حديث آخر: (والذي نفسى بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكمًا مقسطًا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد) (٣).

وقد أورد العلامة البغدادي، عشرين دليلًا عقليًا أثبت من خلالها بُطلان دعوى صلب المسيح (٤) وقد تضمنها النقد التفصيلي السابق من خلال ردود علمائنا الأجلاء.

وخلاصة القول في قضية صلب المسيح ما يلي:

١ - بُطلان الاستدلال من الأناجيل على هذه العقيدة التي جعلوها أساس دينهم وذلك لأنها كتب مشكوك في صحتها ولم يتم التحقق بعد ممن كتبوها وبالتالى فهي دعوى خالية عن الدليل.

٢ - بُعد الزمن الذي كُتبت فيه الأناجيل عن زمن الإنجيل الأصلي كما تقدم بيانه في نقد سند العهد الجديد يؤكد افتراء أصحاب الأناجيل هذه العقيدة من عند أنفسهم.

٣ - وعلى سبيل التسليم الجدلي لهم فيما يدعون من صلب المسيح فإنه من خلال مناقشة العلماء لهذه العقيدة ونقدهم لأحداثها تبيّن وجود التعارض بين الروايات وكثرة الاختلافات بين النصوص داخل تلك الروايات وكثرة التناقض بين ما حدث فيها من وقائع وبالتالي فإن أمرًا مثل هذا يحدث فيه كل هذه المخالفات والمغالطات كفيل برده وبُطلانه وبالتالي انتفاء القداسة عن تلك الأناجيل وأيضًا انتفاء صلب المسيح -عليه السلام-.

٤ - اتبع علماؤنا الأجلاء في أغلب نقدهم لهذه العقيدة طريقة الجدال بالتي هى أحسن لتلك النصوص التي يزعمون أنها مقدسة وتفنيدها وتفسيرها تفسيرًا صحيحًا بناءً على الأدلة النقلية والعقلية والشواهد التاريخية.


(١) انظر: مشكلات العقيدة النصرانية: ص ١٨١.
(٢) أخرجه البخاري في كتاب الأنبياء: باب واذكر في الكتاب مريم: ٤/ ٢٠٣.
(٣) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان: باب نزول عيسي بن مريم حاكمًا بشريعة نبينا محمَّد برقم، ٢٤٢، ١/ ١٣٥.
(٤) قال معد الكتاب للشاملة: الحاشية غير موجودة في أصل الرسالة، وانظر كلام البغدادي في كتابه الفارق بين المخلوق والخالق (ص٢٨٦).

<<  <   >  >>