للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويذكر د/المطعني. نصًا آخر يصف الرب بالجهل "حاشا لله":تروى التوراة ما دار بين الرب الإله وبين آدم بعد واقعة الأكل من الشجرة المحرمة فتقول: "وسمعا -أي آدم وحواء- صوت الرب الإله ماشيًا في الجنة عند هبوب ريح النهار فاختبأ آدم وامرأته من وجه الرب الإله في وسط شجر الجنة! فنادي الرب الإله آدم وقال: أين أنت يا آدم؟ فقال: سمعت صوتك في الجنة فخشيت لأنى عريان؛ فاختبأت؛ فقال من أعلمك أنك عريان؟ هل أكلت من الشجرة التى أوصيتك أن لا تأكل منها؟ " (١).

وقد نقد د/ المطعني. هذا النص وقال مستفسرًا ومتعجبًا وهو يلقى نظرة تحليلية عليه (ما معنى هذا الكلام؟ معناه أن آدم اختبأ من الرب الإله هو وامرأته وسط شجر الجنة فلم يبصره الرب الإله فنادي أين أنت يا آدم، ولم يعرف مكان آدم إلا بدلالة صوت آدم يرد عليه ويخبره بسبب اختفائه فيرد الرب الإله سائلًا عما لا يعلم؟! مرة أخرى: ومن أعلمك أنك عريان؟! هل أكلت من الشجرة؟! (٢).

(إن نسبة الجهل للرب الإله في هذه النصوص المقدسة لا تحتمل جدلًا قط بدلالة:

أن آدم نفسه كان يعلم بذلك الجهل من الرب الإله وإلا لما كان اختبأ؟! وأن الرب نفسه حين لم يبصر آدم وزوجه نادى قائلًا أين أنت يا آدم ولو كان يعلم مكانه لما نادي عليه ولما سأل مرة أخرى هل أكلت؟ والجهل ببعض الأشياء ليس من صفات "الله" الحق هكذا تقول تصورات العقل الواعى وبهذا تقضى حقائق الإيمان الصحيح، والفرق بين أحكام العقل وحقائق الإيمان الصحيح وبين الواقع المعلوم لنصوص الكتاب المقدس كالفرق بين النور والظلمات) (٣).

ويقرر أ. د / محمود مزروعة:

أن حقيقة الذات الإلهية عند اليهود لا ترتفع كثيرًا على مستوى البشرية في شكلها ومضمونها ... فهم يعتقدون في الإله المجسد، ولم يستطيعوا أبدًا أن يهضموا عقيدة الإله المجرد ... وإنما ارتبطت فكرة الإله عندهم بصورة الإنسان بكل ما تحويه هذه الصورة من نقائص وأخطاء، وبسبب نزعة التجسد هذه لم يقنع اليهود بعبادة الله الواحد المجرد عن المادة ولذا فقد طلبوا من سيدنا موسى عليه السلام أن يجعل لهم أصنامًا آلهة ثم صنعوا لأنفسهم عجلًا عبدوه (٤).


(١) تكوين: (٣/ ٨ - ١١) سقوط الإنسان.
(٢) الإِسلام د /المطعني ص ١٧٧، ١٧٨.
(٣) المرجع السابق ص ١٧٨.
(٤) دراسات في اليهودية د /مزروعة ص ١٦٥، ١٦٧.

<<  <   >  >>