للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(إنه من الإنصاف لهذين النبيين الجليلين عليهما السلام ألا نتركهما لأوهام التوراة وأن نقر هنا أنهما بريئان مما تنسبه التوراة إليهما فليس إسحاق مخدوعًا ولا يعقوب خادعًا، فالنبوة من الله وحدة هو الذي شرف بها إسحاق وهو الذي كرم بها يعقوب وإذا جاز أن يخدع أحد من خلق الله فإن الخداع على الله محال، والنبوة ليست عقدًا ماليًا يبرم ... وإنما هى حكمة وتدبير ليس لله فيهما شريك فقال تعالى: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} ولكن هذه المعاني كلها لا بعضها مهدرة في التوراة المقدسة" (١).

٥ - سوء أدب اليهود مع سيدنا يعقوب - عليه السلام - وزعمهم أنه صارع الله حتى طلوع الفجر. جاء في تعليق الباحثة / سميرة عبد الله وهي تقدم لهذه الفرية ما نصه: لقد زعمت اليهود أن نبي الله يعقوب - عليه السلام - صارع الرب وكانت الغلبة له عليه الأمر الذي لا يليق أن يكون بين العبد وسيده من البشر لا يعقل أن يكون بين نبي كريم ورب عظيم (٢).

وخلاصة القصة: أنها صراع بين يعقوب والله على شكل ملاك ليلة كاملة، لم يقدر الله فيها على يعقوب فانخلع حق فخذ يعقوب, بمصارعته مع الرب فأمسك يعقوب به، وما استطاع الله أن يفلت من يده وقد طلع الفجر! فالتمسه الرب أن يفكه حذرًا من الفضيحة في النهار، فأجابه يعقوب: لا أدعك تذهب حتى تباركني. أي تعترف بانتصاري عليك. فقال الرب ما اسمك؟ قال يعقوب قال الرب: لا تسمى بعد اليوم يعقوب بل "إسرائيل" لأنك جاهدت مع الله والناس وقدرت "أي أن منحك اسم إسرائيل إنما هو وسام انتصارك على الله (٣).

وهذا الافتراء قد رده النقاد من علماء المسلمين وعدوه من الأباطيل والانحرافات التي ملأت التوراة وتؤكد مدى تحاملهم على الأنبياء عليهم السلام فيقول الإمام ابن القيم: وهو يستدل على وجود التحريف في التوراة - يقول: وفيها -أي التوراة- (أن الله سبحانه وتعالى علوًا كبيرًا تصارع مع يعقوب فضرب به يعقوب الأرض) (٤).

ويعقب العلامة رحمة الله الهندي على هذا النص تعقيبًا مختصرًا جاء فيه: (وهذا المصارع كان ملكًا لما عرفت، وإذا لم نقل ذلك يلزم أن يكون إله بنى إسرائيل في غاية العجز والضعف حيث صارع يعقوب الذي هو مخلوقه إلى الفجر ولم يغلبه إلا بالحيلة) (٥).


(١) الإسلام: د/ المطعني، ص ١٢٩، و"الآية الكريمة من سورة الأنعام: رقم (١٢٤).
(٢) جهود الإمامين، ص ٤٣٣.
(٣) انظر: تكوين: (٣٢/ ٢٤ - ٣٣) وفلسطين في الميزان ص ٤٢، ٤٣.
(٤) هداية الحيارى ص ٢٠٣.
(٥) إظهار الحق: (١/ ٣٢١).

<<  <   >  >>