للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دوافع الدراسة النقدية للكتاب المقدس:

كثيرة هى الدوافع التى تكمن وراء تناول الكتاب المقدس بالنقد والتحليل، والتي كانت وراء تنوع الجهود في هذا الميدان مما أسفر عن حصيلة هائلة من الكتب إلى تضطلع بدراسة الكتاب المقدس "دراسة نقدية" من هذه الدوافع ما يلي:

١ - ما ذكره القرآن الكريم من أدلة كثيرة تخبر عن وقوع التحريف في التوراة والإنجيل فقال تعالى: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٣)} (١) فقوله تعالى: {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} أى فسدت فهومهم وساء تصرفهم فى آيات الله وتأولوا كتابه على غير ما أنزله وحمَّلوه على غير مراده وقالوا عليه ما لم يقل عياذاً بالله من ذلك (٢).

(وكان لهذه الآيات الكريمة أثرها في حمل بعض المسلمين على دراسة معتقدات أهل الكتاب دراسة نقدية هادئة يستنبط من خلالها الأدلة الدامغة علي تحريف هؤلاء لما ورثوا، وتبديلهم لما ينبغى عليهم أن يعتقدوا، وقد قامت الدراسة علي النصوص المتوارثة عن السابقين والتي يدعى أربابها أنهم قد تلقوها خلفًا عن سلف دون تصرف بالقبض أو البسط في الوقت الذي صرحت فيه التوراة والإنجيل بأن الكتبة تصرفوا فيما كتبوا بالزيادة والنقصان ودليل ذلك: "لا يرتد غضب الرب حتى يجري ويقيم مقاصد قلبه في آخر الأيام تفهمون فهما لم أرسل الأنبياء بل هم جروا لم أتكلم معهم بل هم تنبأوا ولو وقفوا في مجلسى لأخبروا شعبى بكلامى وردوهم عن طريقهم الردىء وعن شر أعمالهم" (٣)) (٤).

٢ - ما ذكر في السنة النبوية المطهرة من تحريف اليهود للتوراة فقد جاء في الحديث: "أتي رسول الله بيهودي ويهودية قد أحدثا جميعًا فقال لهم: ما تجدون في كتابكم؟ قالوا: إن أحبارنا أحدثوا تحميم الوجه والتحبية قال عبد الله بن سلام: ادعهم يا رسول الله بالتوراة، فأتي بها فوضع أحدهم يده على آية الرجم وجعل يقرأ ما قبلها وما بعدها فقال له ابن سلام: ارفع يدك، فإذا آية الرجم تحت يده فأمر بهما رسول الله فرجما" (٥).


(١) سورة المائدة الآية: (١٣).
(٢) تفسير القرآن العظيم -لابن كثير٢/ ٣٣ - ط/مكتبة دار التراث -القاهرة.
(٣) أرميا: (٢٣/ ٢٠ - ٢٢) غصن البر.
(٤) مقدمة المنتخب الجليل من تخجيل من حرف الإنجيل- لأبي الفضل المالكي المسعودي ص ٩ والمقدمة للدكتور / بكر زكى عوض محقق الكتاب، مطبعة أولاد عثمان بالقاهرة، ط ١/ ١٤١٤ هـ، ١٩٩٣ م.
(٥) سبق تخريجه ص ٢.

<<  <   >  >>