للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويبين د/ أحمد شلبي أن اليهود يخالفون هذه العقيدة المستقيمة في القضاء والقدر فيقول:

إنهم ينسبون الشر لله -عَزَّ وَجَلَّ- وأن الإنسان مجبر في أفعاله وبالتالي فإن صدور الشر عنه أمر طبيعي؛ لأنه خلقه وقد ركبت فيه هذه الطبيعة الشريرة وأن المنحرف من البشر لا يمكن له بأي حال من الأحوال أن ينصلح حاله أبدًا ولا يمكن له أن يُقوّم ويؤكد ذلك ما تعتقده الطوائف اليهودية: فطائفة "الفريسيون" لها رأى في القضاء والقدر فهم يرون أن الأفعال يمكن أن تتأثر بالقضاء والقدر ولكنها غير واقعة بها (١).

وطائفة "الصدوقيون" لا يقولون بالقضاء والقدر ويؤمنون بحرية الاختيار ويرون أن الأفعال مخلوقة للإنسان لا لله (٢).

وطائفة "القراؤون" ذهبت إلى القول بالجبر المطلق ونفي الاختيار أو تأثير أفعال العبد (٣).

ويؤكد د/ الهاشمي، هذه النظرة - من أن الإنسان مجبر في أفعاله لا مخير- فيقول:

إن عقيدة الجبر هي المهيمنة على أهل التوراة يهودًا أو نصارى، وهذه العقيدة تؤمن أن الله ليس فقط خالق الخير والشر؛ بل تزعم أنه الذي أجبر الإنسان على السلوك الذي يتجاوب مع ما أودع فيه من شر، فلا يقدر الإنسان أن يسلك سلوكًا خيرًا فتقول التوراة: "لماذا أضللتنا يا رب عن طريقك؟، قسيت قلوبنا عن مخافتك (٤).

يضاف إلى ذلك نسبة الشر صراحة إلى الله في عقيدة التوراة: "أنا الرب وليس آخر: مصور النور وخالق الظلمة صانع السلام وخالق الشر أنا الرب صانع كل هذه" (٥). ولقد غالت التوراة في عقيدة الجبر للحد الذي زعمت فيه أن الله ينزل الروح الرديء ليقتحم النبي فيؤدي به إلى الجنون" وكان في الغد أن الروح الرديء من قبل الله اقتحم شاؤل وجن في وسط البيت (٦) " (٧).


(١) اليهودية د/ أحمد شلبي ص ٢٢٧.
(٢) المرجع السابق: ص ٢٣٠.
(٣) جهود الإمامين: ص ٥٨٣.
(٤) أشعياء: (٦٣/ ١٧) تسبيح وصلاة.
(٥) أشعياء: (٤٥/ ٧) رسالة الله لكورش.
(٦) صموئيل الأول: (١٨/ ١٠) غيرة شاول من داود.
(٧) التربية في التوراة: د/ الهاشمي، ص ٥٧.

<<  <   >  >>