للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويعلق صاحب الفارق على هذا النص منتقدًا ما يشتمل عليه فيقول: (إن المسيح بشر مخلوق لله تعالى، وأنه قبل أن يأتى إلى يوحنا المعمدان لم يكن الوحي ينزل عليه، وأن أول ما نزل عليه الوحي بواسطة روح الله جبريل؛ لأنّ الله تعالى سماه بذلك كما تشهد به كتبهم وأول ما بلغه عن الله تعالى أنه هو الابن الحبيب الذي به كان سرور الله تعالى ولكن أبي هذا المترجم إلا أن يدلس في كل ما يكتبه حيث أسند الكلام إلى غير جبريل -عليه السلام- (١).

أما عن الرؤية النقدية للدكتور / السقا، حول عقيدة تأليه المسيح -عليه السلام- فإنه قد أَتبع فيها المنهج التحليلى للنصوص حيث قام برد التفسير الخاطئ الذي يفسره النصارى لنصوص الأناجيل، وفسرها تفسيرًا صحيحًا يتفق وطبيعة المسيح -عليه السلام- وأذكر هنا بعض النماذج توضح ما قام به من جهد في إبطال ألوهية المسيح. حيث يعرض مقولة النصارى ثم يعقب عليها بالرد وبيان بطلانها.

١ - مما يدلّ على أن المسيح في الأزل مع الأب قوله: "والآن مجدني أنت أيها الأب عند ذاتك بالمجد الذي كان لي عندك قبل كون العالم لأنك أحببتنى قبل إنشاء العالم" (٢).

الرد: لو كان المسيح في الأزل مع الأب للزم عليه أن يكون هو إلهًا مستقلًا عن الإله الأب، وهذا لا يقول به الأرثوذكس الذين يقولون إن عيسى هو الله نفسه، وهذا التعبير كناية عن أن الله قدر وجود عيسى -عليه السلام- في الأزل كما يقدر وجود أي إنسان (٣).

٢ - مما يدلّ على أن المسيح كان في السماء ونزل إلى الأرض قوله لليهود: "أنتم من أسفل أما أنا فمن فوق، أنتم من هذا العالم أما أنا فلست عن هذا العالم" (٤).

الرد: معني الكلام أنتم تعيشون في اللذات الجسدية، أما أنا فأعيش في عالم الروح، أنتم في عالم الأرض تريدون أن تعيشوا أما أنا ففى عالم السماء مقصودى وقد قا

ل المسيح هذا القول بالنسبة لجميع تلاميذه: "لو كنتم من العالم لكان العالم يحب خاصته ولكن أنكم لستم من العالم؛ بل أنا اخترتكم من العالم لذلك يبغضكم العالم" (٥). لقد سوى بينه وبين تلاميذه في عدم الكون من هذا العالم؛ فلو كان هذا مستلزمًا للألوهية للزم أن يكونوا كلهم آلهة (٦).


(١) الفارق بين المخلوق والخالق: ص ٥٥.
(٢) يوحنا: (١٧/ ٥، ٢٤).
(٣) أقانيم النصارى: د/ أحمد حجازي السقا، ص ١١٤ ط / دار الأنصار القاهرة / ١٣٩٧ هـ / ١٩٧٧ م.
(٤) يوحنا: (٨/ ٢٣) أنا هو نور العالم.
(٥) يوحنا: (١٥/ ١٩).
(٦) أقانيم النصارى: ص ١١٥.

<<  <   >  >>