للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ثانيها: قال الشَّافعي: هذا الحديث لم أقف على صحّته.

وهذا العذر لا ينفع أصحاب الشّافعي الذين وقفوا على صحة الحديث، لا سيما مع وصيتّه (١).

ثالثها: يحتمل أن يكون جعلها ثامنة؛ لأنّ التراب جنس غير جنس الماء، فجعل اجتماعهما في المرّة الواحدة معدودًا باثنين. وهذا جواب الماوردي وغيره.

رابعها: أن يكون محمولا على من نسي استعمال التراب، فيكون التقدير: اغسلوا سبع مرات إحداهن بالتراب، كما في رواية أبي هريرة، فإن لم تعفروه في إحداهن فعَفِّروه الثّامنة. ويغتفر مثل هذا الجمع بين اختلاف الرِّوايات، وهو أولى من إلغاء بعضها. والله أعلم.

[فائدة]

قال القرافي (٢): سمعت قاضي القضاة صدر الدين الحنفي يقول: إنّ الشّافعية تركوا أصلَهم في حَمل المطلق على المقيّد في هذا الحديث. فقلت له: هذَا لا يلزمهم لقاعدة أخرى، وذلك أنّ المطلق إذا دَار بين مقيَّدَين متضادَّيْن، وتعذّر الجمعُ فإن اقتضى القياس تقييدَه بأحدهما قُيِّد، وإلا سقط اعتبارهما معًا، وبقي المطلق على إطلاقه. انتهى.

وهذا الذي قاله القرافي صحيح، ولكنه لا يتوجّه ها هنا، بل يمكن هنا حمل


(١) وهي قوله: "إذا صحّ الحديث فهو مذهبي". انظر مقدمة كتاب صفة الصلاة للشيخ ناصر الدين الألباني -رحمه الله-.
(٢) أنوار البروق، للقرافي (١/ ١٩٢).