لقد أخذ الحافظ ابن الملِّقن في كتابه "البدر المنير" بذيل التّطويل والإطناب، وبَدَت عنده ظاهرة الاستطراد والإسهاب، بحيث يشعر المطالع فيه بالحاجة الملحّة إلى اختصاره وتلخيص مقاصده، فجاء الحافظ ابن حجر رحمه الله فَرغِب في إخلاء الكتاب من تلك الظّاهرة، وصون فوائده من الضّياع في زحمة التّكرار، من دون إخلالٍ بمقاصد الكتاب وغاياته.
وقد أشار الحافظ ابن حجر -رحمه الله- إلى شيء من رَسمِه وجزءٍ من خطته في تلخيصه كتابَ شيخه الحافظ ابن الملقن-رحمه الله. فقال في ديباجة كتابه:". . . فقد وقفتُ على تخريج أحاديثِ "شرح الوجيز" للإمام أبي القاسم الرّافعي -شكر الله سعيه. لجماعةٍ مِن المتأخِّرين؛ منهم: القاضي عزّ الدّين ابن جماعة، والإمام أبو أمامة ابن النقّاش، والعلّامة سراج الدّين عمر بن علي الأنصاريّ، والمفتي بدر الدِّين محمَّد بن عبد الله الزّركشي، وعند كلٍّ منهم ما ليس عند الآخر من الفوائد والزَّوائد، وأوسعها عبارةٌ وأخلصها إشارةً كتابُ شيخنا سراج الدِّين، إلَّا أنّه أطاله بالتِّكرار فجاء في سبع مجلَّدات، ثمّ رأيته لَخَّصه في مجلَّدةٍ لطيفةٍ أخلّ فيها بكثيرٍ من مقاصد المطوّل وتنبيهاته، فرأيتُ تلخيصَه في قدر ثُلث حجمه مع الالتزام بتحصيل مقاصدِه، فمنَّ الله بذلك، ثمّ تتبعت عليه الفوائد الزَّوائد من تخاريج المذكورين مَعه، ومن تخريج "أحاديث الهداية" في فقه الحنفيَّة للإمام جمال الدِّين الزَّيلعي؛ لأنّه ينبّه فيه على ما يحتجّ به مخالفوه. وأرجو الله إن تمّ هذا التّتبع أن يكون حاويًا لجلِّ ما يَستدلّ به الفقهاءُ في مصنّفاتهم في الفروع، وهذا مقصد جليل. . .".