للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قوله: "في حجة الوداع" فإنا لم نرها صريحة في شيء من الأحاديث، لكن لفظ البخّاري: احتجم وهو صائم، واحتجم وهو محرم.

وله طرق عند النسائي (١) غير هذه، وهّاهَا وأعلّها واستشكل كونه - صلى الله عليه وسلم - جمع بين الصيام والإحرام؛ لأنه لم يكن من شأنه التطوع بالصيام في السفر، ولم يكن محرما إلا وهو مسافر، ولم يسافر في رمضان إلى جهة الإحرام إلا في غزاة الفتح، ولم يكن حينئذ محرما.

قلت: وفي الجملة الأولى نظر، فما المانع من ذلك فلعله فعل مرة لبيان الجواز، وبمثل هذا لا ترد الأخبار "الصحيحة" ثم ظهر لي أن بعض الرواة جمع بين الأمرين في الذكر، فأوهم أنهما وقعا معا، والأصوب رواية البخاري: احتجم وهو صائم، واحتجم وهو محرم. فيحمل على أن كل واحد منهما وقع في حالة مستقلة، وهذا لا مانع منه:

[٢٩٧٥]- فقد صح أنه - صلى الله عليه وسلم - صام في رمضان وهو مسافر، وهو في "الصحيحين" (٢) بلفظ: وما فينا صائم إلا رسول الله-صلى الله عليه وسلم- وعبد الله بن رواحة.

ويقوي ذلك أنّ غالب الأحاديث ورد مفصَّلًا.

قال بعض الحفاظ (٣): حديث ابن عباس روي على أربعة أوجه:

الأول: احتجم وهو محرم.

الثاني: احتجم وهو صائم.

الثالث: احتجم وهو صائم، واحتجم وهو محرم.


(١) سنن النسائي (رقم ٢٨٤٨، ٢٨٤٩، ٢٨٥٠).
(٢) صحيح البخاري (رقم ١٩٤٥) وصحيح مسلم (رقم ١١٢٢) عن أبي الدرداء رضي الله عنه.
(٣) هو الحافظ ابن القيم - رحمه الله - في "تهذيب السنن" له (٣/ ٢٤٩).