للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وكذا أخرجه الإسماعيلي في "مستخرجه".

وقال أبو الخطاب ابن دحية: صار بعض الناس إلى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كَتَب، منهم أبو ذرّ الهروي، وأبو الفتح النيسابوري، وأبو الوليد الباجي، وصنَّفَ فيه كتابًا.

قلت: وسبق إلى ذلك عمر بن شَبّة في "كتاب الكُتّاب" له؛ فإنه قال فيه: كتب النبي - صلى الله عليه وسلم - بيده يوم الحديبية.

وقال أبو بكر بن العربي في "سراجه": لما قال أبو الوليد ذلك طعنوا عليه، ورموه بالزندقة، وكان الأمير مُتَثَبِّتًا، فأحضرهم للمناظرة، فاستظهر الباجي ببعض الحجة، وطعن على من خالفه، ونسبهم إلى عدم معرفة الأصول، وقال: اكتب إلى العلماء بالآفاق، فكتب إلى إفريقية، وصقلية، وغيرهما، فجاءت الأجوبة بموافقة الباجي. ومحصَّل ما تواردوا عليه: أنّ معرفته الكتابة بعد أميَّته لا ينافي المعجزة، بل تكون معجزة أخرى؛ لأنهم بعد أن تحققوا أميّته، وعرفوا معجزته بذلك -وعليه تُنزل الآية السابقة- صار بعد ذلك يَعلم الكتابة بغير تقدم تعليم، فكانت معجزة أخرى، وعليه يُنزّل حديث البراء. انتهى.

وقد ردّ أبو محمّد بن مفوِّز على أبي الوليد الباجي، وبَيَّن خطأه في هذه المسألة في تصنيف مفرد.

ووقع لأبي محمد الهواري معه قصّة في منام رآه، ملَخّصه: أنّه كان يرى بما قاله الباجي، فرأى في النوم قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - ينشق ويميد، ولا يستقر، فاندهش لذلك، وقال في نفسه: لعل هذا بسبب اعتقادي (١)، قال ثمّ: عقدتُ التّوبة مع نفسي، فسكن واستقر، فلما استيقظ قصّ الرؤيا علي بن مفوّز فعبَّرها له


(١) [ق/ ٤٧٤].