للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ووقع نزاع بين الإمامين أبي محمّد ابن عبد السلام وأبي عمر وابن الصلاح في أن هذا الطيب هل هو في الدنيا أو في الآخرة؟

فقال ابن عبد السلام: في الآخرة خاصة؛ لرواية مسلم (١): "مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ يَوْمِ الْقِيَامَة".

وقال ابن الصلاح: عام في الدنيا والآخرة، واستدل على ذلك بأدلة كثيرة، ونقله عن خلق من العلماء، وأوضح ما استدل به ما رواه ابن حبان (٢) بلفظ: "لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ حِينَ يَخلف مِنَ الطَّعَام". ورواية جابر عن مسند الحسن ابن سفيان.

وأمّا الثانية: "فإنّهم يُمْسُون وَخُلُوفُ أَفوَاهِهم أَطْيَبُ عند الله مِنْ رِيحِ الْمِسْك".

أملاه الإِمام أبو منصور السمعاني، وقال: إنّه حديث حسن.

قال ابن الصلاح: وأمّا ذكر يوم القيامة في تلك الرِّواية؛ فلأنه يوم الجزاء، وفيه يظهر رجحان الخلوف في الميزان على المسك المستعمل في الدنيا، فخُصّ في هذه الرِّواية لذلك، وأطلق في باقي الرِّوايات؛ نظرا إلى أن أصل أفضليته ثابتة في الدارين، كما قال تعالى:/ (٣) {إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ}.

تنبيه آخر:

استدلّ الأصحاب بهذا الحديث على كراهية الاستياك بعد الزوال لمن يكون صائما، وفي الاستدلال به نظر؛ لكن في رواية الدّارَقطني (٤):


(١) صحيح مسلم (رقم ١١٥١) (١٦٣).
(٢) صحيحه (الإحسان رقم ٣٤٢٤).
(٣) [ق/ ٣٦].
(٤) السنن (٢/ ٢٠٣)، وهو ضعيف جدا، في إسناده عمر بن قيس سندل، وهو متروك كما سيأتي.