فنزلوا الإسكندرية ليبتاعوا ما يُصلحهم، وكذلك كانوا عَلَى الزمان، وكانت الأُمَراء لا تمكّنهم دخول الإِسكندريَّة إنَّما كَانَ الناس يخرجون إليهم فيبايعونهم، فلمَّا عُزل عُمَر بْن هلَّال كتب إِلَيْهِ عَبْد العزيز الجَرَويّ يأمره بالوثب عَلَى الإسكندريَّة والدُّعاء لَهُ بها، وأَن يُخرج الفَضل بْن عبد الله منها.
فبعث عُمَر بْن هلَّال إلى الأَنْدَلُسيّين، فدعاهم إلى القيام معه فِي إخراج الفَضل عَنْهَا، فساروا معه، فأَخرج الفَضل منها ودعا إلى الجَرَويّ، فوثب أهل الإِسكندريَّة عَلَى الأَنْدَلُسيّين، فأَخرجوهم وردّوا الفَضل عليهم، وقُتل من الأنْدَلُسيِّين نفَر وانهزموا إلى مراكبهم، ثمَّ عزل المُطَّلِب أخاه وولَّى عليها إِسْحَاق بْن أَبْرَهة بْن الصبَّاح بن الوليد بْن أَبي سَمر بْن أَبْرَهة بْن الصبَّاح الأَصبحيّ، فسار إِلَيْهِ عُمَر بْن هلَّال وذلك فِي شهر رمضان سنة تسع وتعين ومائة، ثمَّ عزله المُطَّلِب وولَّاها أَبَا بَكْر بن جُنادة بْن عيسى المَعافريّ.
وأقبل عبد الله بْن مُوسَى إلى مِصر طالبًا لدم أخيه الْعَبَّاس فِي المحرَّم سنة مائتين، فنزل عَلَى عَبْد العزيز بْن الوزير الجَرويّ، فسار معه فِي جيُوش لَهُ كثيرة العَدَد فِي البّر والبحر حتى نزل الحِيزة، فخرج إِلَيْهِ المُطَّلِب فِي أهل مِصر، فحاربوه فِي صفر سنة مائتين، فرجع الحَرَويّ إلى شَرقيون، ومضى عبد الله بْن مُوسَى إلى الحِجاز، وظهر للمُطَّلِب أن أَبَا حَرْمَلة فَرَج الأَسْود الَّذِي كاتب عبد الله بْن مُوسَى وحرَّضه عَلَى المسير، فطلبه المُطَّلِب، فهرب فَرَج إلى الجَرويّ، فهدم المُطَّلِب دُوره كلَّها، فدفع إِلَيْهِ الجَرَويّ من الأموال ما أعاد بِناءَها.
وجدّ المُطّلِب فِي أمر عَبْد العزيز الجَرَويّ، فبلغ الجَرَويّ ذَلكَ، فأخرج السَّريّ بْن الحكَم من السِّجن، فعاهده وعاقده أَنَّهُ يُطلقه من سِجنه ويُلقي إلى أهل مِصر أن كتابًا ورد بوِلايته عَلَى أن يثور بالمُطَّلِب ويخلعه.
فعاهده السَّريّ عَلَى ذَلكَ، واتَّفقا جميعًا عَلَى عقد بينهما، فأَطلقه الجَرَويّ وألقى ذِكر وِلايته إلى الجُند فاستقبله الجُند، من أهل خُراسان وعقدوا لَهُ عليهم، وامتنع المِصريُّون من وِلايته، فنزل داره بالحمراء، فبعث إِلَيْهِ المُطَّلِب