للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اللَّه الرَّحْمَن الرحيم، من أَبِي إِسْحَاق بن أمير المؤمنين الرشيد أخي أمير المؤمنين إلى نصر بْن عبد الله كَيْدُر مولى أمير المؤمنين سلام عليك.

فإني أحمد إليك اللَّه الَّذِي لا إله إلَّا هُوَ، وأسأَله أن يصلّي عَلَى محمد عَبْده ورسوله صلَّى اللَّه عَلَيْهِ، أَمَّا بعد، فإنَّ أمير المؤمنين أطال اللَّه بقاءَه كتب إليَّ فيما أمرني بِهِ من الكتاب إلى قُضاة عملي فِي امتحان من حضرهم للشهادات، فمن أقرّ منهم بأن القُرآن مخلوق وكان عدلًا قبِلوا شهادته، ومن دفع ذَلكَ أسقطوا شهادته، ولم يرفعوا حُكمًا بقوله، وامتحان أُولئك القُضاة بهذه المِحنة، فمن نفى منهم التشبيه، وقال: إن القرآن مخلوق أقرّه بموضِعه، ومن دفع أن يكون القُرآن مخلوقًا أمرته باعتزال الحُكم، وأن لا يُعان بِمثل ذَلكَ فِي جميع أهل الحديث هنالك، ومن يُسمَع منه أو يُختلَف إِلَيْهِ بسبب الفِقه، وترك الإذن لأحدٍ منهم فِي حديث أو فَتْوًا إِلَّا على انتحال هذه النِّحلة والقول بِمثل هذه المقالة، والبلوغ من يعتقد ذَلكَ ومُراعاته مبلغ المحتسب للخير، والكتاب إِلَيْهِ أكرمه اللَّه بما يكون منك، وقد رأَيت أن تمتحن القاضي هاك بالمِحنة التي كتب بها أمير المؤمنين أطال اللَّه بقاءه ليُعرَف مذهبه، وما عنده بأن القُرآن مخلوق، وتَرْكِ التشبيه، والشكّ فِيهِ، فقدّمتَ إليه فِي امتحان من يحضره للشهادات بهذه المِنحة، ومن أقرّ منهم، وكان عدلًا قُبلتْ شهادته، ومن دفع ذَلكَ وامتنع منه أُسقطتْ شهادته، وإن أنكر القاضي أن يكون القُرآن مخلوقًا أمرته باعتزال الحكومة، وأوعزتَ بمثل ذَلكَ إلى أهل الحديث، ومن يسمَع منه أو يُختلَف إِلَيْهِ بسبَب الفِقه، وكتبتُ إلى القاضي قِبَلك بِمثل الَّذِي كتبتُ إليك، فأعلمْ ذَلكَ وأعمَلْ بما مثَّل بِهِ أمير المؤمنين منه، وانْتَهِ إِلَيْهِ وأبلْغ من القيام بِهِ عَلَى حسَب ما يلزَمك، ويجب عليك، وأَحضرْ ما تعمل بِهِ عنده من وجوه أهل عمَلك وصُلَحائهم، واكتب إليَّ بما يكون من القاضي فِي ذَلكَ ومنك على حقّه، وصدقه لأْنهيه إلى أمير المؤمنين إن شاء اللَّه، والسلام عليكم ورحمة اللَّه وبركاته.

وكتب الفَضل بْن مَرْوان لعشر ليال بقينَ من جمادى الأولى سنة ثمان عشرة ومائتين ".

قَالَ أَبُو خَيْثَمة: فورد الكتاب عَلَى كَيْدُر، وكان القاضي بِمصر هارون بْن عبد الله، فأحضره كَيْدُر ودعاه إلى هذا، فأجابه إِلَيْهِ ووافقه عَلَى ذَلكَ عامّة الشهود، ومن يُعرف بالعدالة، وأكثر الفُقهاء إِلَّا من هرب منهم

<<  <   >  >>