للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أكتفي في هذا المبحث بنص عام وببعض ما يحصل به الغرض من النصوص الخاصة لتأصيل الاستدراك الفقهي منهجًا مشروعًا بدلالة السنة.

المطلب الأول: تأصيل الاستدراك الفقهي من السنة بنص عام.

وردت نصوص عامة كثيرة في السنة يُستفاد منها مشروعية الاستدراك الفقهي، وأكتفي بواحد منها؛ لحصول الغرض بذلك.

في (صحيح مسلم) عن تميم الداري (١) - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الدين النصيحة». قُلنا: لمن؟ قال: «لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم» (٢).

وتقرير وجه الاستدلال بالحديث يأتي من وجوه:

الوجه الأول: تقرير معنى النصيحة.

نبّه شُرّاح الحديث في تفسير النصيحة في هذا الحديث إلى أصل الكلمة في اللغة، وهذا الأصل هو: «ملاءمة بين شيئين، وإصلاح لهما» (٣). ومن خلاله فسروا معنى النصيحة في الحديث، وخلاصة كلامهم أنها ترجع إلى معنيين (٤):

١ - الخلوص والتصفية: من نصحت العسل إذا صفيته، ومنه: (نصح له القول) بمعنى أخلصه.


(١) هو: أبو رقية، تميم بن أوس بن خارجة بن سود بن جذيمة، الداري، اللخمي، الفلسطيني، صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كان نصرانيا فأسلم سنة ٩ هـ، حدث عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - على المنبر بقصة الجساسة في أمر الدجال، وكان أول من قص، استأذن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في ذلك فأذن له، وهو أول من أسرج السراج في المسجد، كان يسكن المدينة ثم انتقل إلى الشام بعد قتل عثمان، يقال: وجد على بلاطة قبر تميم الداري: مات سنة ٤٠ هـ.
[يُنظر: أسد الغابة، (١/ ٣١٩). و: سير أعلام النبلاء، (٢/ ٤٤٢)].
(٢) (٤٤)، ك الإيمان، ب بيان أن الدين النصيحة، رقم (٥٥).
(٣) معجم مقاييس اللغة، (٥/ ٤٣٥)، مادة (نصح).
(٤) يُنظر: تعظيم قدر الصلاة، محمد بن نصر بن الحجاج المروزي، (٢/ ٦٨١). و: معالم السنن، حمد بن محمد الخطابي، (٤/ ١٢٥). و: صحيح مسلم بشرح النووي، يحيى بن شرف النووي، (٢/ ٣٧). و: فتح الباري، (١/ ١٣٨).

<<  <   >  >>